للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه : ﴿قُلْ﴾ يا محمدُ لهؤلاء المشركين: ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ أَيُّها الناسُ، ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ﴾. يقولُ: ما خَلَقَ اللهُ لكم من الرزق فخَوَّلَكُموه، وذلك ما تَتَغَذَّون به مِن الأطعمةِ، ﴿فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا﴾. يقولُ: فحَلَّلْتُم بعض ذلك لأنفسِكم، وحَرَّمْتُم بعضَه عليها. وذلك كتَحْريمِهم ما كانوا يُحَرِّمُونه مِن حُرُوثِهم التي كانوا يَجْعَلونها لأوثانِهم، كما وَصَفَهم اللهُ به، فقال: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا﴾ [الأنعام: ١٣٦]. ومِن الأنعامِ ما كانوا يُحَرِّمونه بالتَّبْحِيرِ والتَّسْييب، ونحوِ ذلك، مما قَدَّمناه فيما مَضَى مِن كتابِنا هذا (١).

يقولُ اللهُ لنبيِّه محمدٍ : قلْ يا محمدُ: ﴿آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ﴾ بأن تُحَرِّموا ما حَرَّمْتم منه ﴿أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾، أي: تقولون الباطلَ وتَكْذِبون؟

وبنحوِ الذى قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، [عن عليٍّ] (٢)، عن ابنِ عباسٍ، قال: إن أهلَ الجاهلية كانوا يُحَرَّمون أشياءَ أَحَلَّها اللهُ من الرزقِ (٣) وغيرَها، وهو قولُ اللهِ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا﴾. وهو هذا. فأنزَل اللهُ تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ﴾ (٤) الآية [الأعراف: ٣٢].


(١) ينظر ما تقدم في ٩/ ٢٦ - ٣٠.
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٣) فى م: "الثياب".
(٤) ينظر تفسير ابن كثير ٤/ ٢١١.