للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرأ آخرون: (آمنتُ إنه)، بكسرِ الألفِ مِن ﴿أَنَّهُ﴾ على ابتداءِ الخبرِ، وهى قراءةُ عامةِ الكوفيين (١).

والقولُ فى ذلك عندى أنهما قراءتان مُتقاربنا المعنى، وبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا موسى بنُ عبيدةَ، عن محمدِ بنِ كعبٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ شدّادٍ، قال: اجتمَع يعقوبُ وبنوه إلى يوسفَ، وهم اثنان وسبعون، وخرَجوا مع موسى مِن مصرَ حينَ خَرجوا، وهم ستُّمائةِ ألفٍ فلما أدرَكهم فرعونُ فرأَوه، قالوا: يا موسى أين المخرجُ فقد أُدركنا؟ قد كُنَّا نلقَى مِن فرعونَ البلاءَ. فأوحَى اللهُ إلى موسى: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ [الشعراء: ٦٣] ويَبِسَ لهم البحرُ، وكشَفَ اللهُ عن وجهِ الأرضِ، وخرَج فرعون على فرسٍ حصانٍ أدهَمَ (٢)، على لونِه مِن الدُّهم ثمانمائةِ ألفٍ سِوى ألوانِها من الدوابِّ، وكانت تحتَ جبريلَ فرسٌ وَدِيقٌ (٣) ليس فيها أنثى غيرُها، وميكائيلُ يسوقُهم، لا يَشِذُّ رجلٌ منهم إلا ضَمَّه إلى الناسِ، فلما خرَج آخِرُ بني إسرائيلَ دَنا منه جبريلُ ولَصِقَ به، فوجَدَ الحصانُ ريحَ الأنثى، فلم يَمِلكْ فرعونُ مِن أمره شيئًا، وقال: أقدمِوا، فليس القومُ أحقَّ بالبحرِ منكم. ثم


(١) هي قراءة حمزة والكسائي. ينظر المصدرين السابقين.
(٢) الأدهم: الأسود. اللسان (د هـ م).
(٣) فرس وديق: هى التى تشتهى الفحل. النهاية ٥/ ١٦٨.