للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عالمين؛ وذلك أنهم كانوا قبلَ أن يُبْعَثَ محمدٌ مُجْمِعِين على نبوةِ محمدٍ، والإقرارِ به وبمَبْعثِه، غيرَ مختلِفين فيه بالنعتِ الذى كانوا يجدونه مكتوبًا عندَهم، فلما جاءهم ما عَرَفوا كَفَرَ به بعضُهم، وآمَن به بعضُهم، والمؤمنون به منهم كانوا عددًا قليلًا. فذلك قولُه: ﴿فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ [الْعِلْمُ﴾. ومعناه: حتى جاءَهم] (١) المعلومُ الذى كانوا يعلمونه نبيًّا للهِ. فَوَضَعَ "العِلْمَ" مكانَ المعلومِ.

وقد كان بعضُهم يتأوَّلُ "العلمَ" ههنا كتابَ اللهِ ووَحْيَه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ﴾ بغيًا بينهم (٢). قال: العلمُ كتابُ اللَّهِ الذى أنزله، وأمرُه الذى أمَرهم به، وهل اختلَفوا حتى جاءهم العلمُ بغيًا بينهم؟ أهلُ هذه الأهواِء هل اقْتَتلوا إلا على البغيِ؟ قال: والبغىُ وجهان؛ وجهُ النَّفَاسِةِ في الدنيا، ومَن اقتَتلَ عليها من أهلِها، وبغىٌ فى العلمِ، يَرَى هذا جاهلًا مُخْطِئًا، ويرى نفسَه مصيبًا عالماً، فيبْغى بإصابتِه وعلمِه على هذا المخطئ (٣).

وقولُه: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : إن ربَّك يا محمدُ يَقْضِى بين المختلِفين مِن بني إسرائيلَ فيك (٤) يومَ القيامةِ، فيما كانوا فيه مِن أمرِك (٥) في الدنيا يختلِفون، بأن


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٢) كذا في النسخ، زاد: بغيا بينهم. وليست من الآية، وهذه الزيادة في آية سورة آل عمران ١٩، والشورى ١٤، والجاثية ١٧. ولم يذكر المصنف هذا الخبر فى تفسير العلم والبغى فى هذه الآيات من هذه السور.
(٣) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٣/ ٣١٧ إلى المصنف وأبى الشيخ، مقتصرًا على أوله.
(٤) فى ص، ت ١، ت ٢، س: "قبل".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، س: "أمرى".