للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا القاسمُ بنُ سلامٍ، قال: ثنا هشيم، قال: أخبَرنا أبو بشرٍ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ ومنصورِ، عن الحسنِ في هذه الآيةِ، قال: لم يشُكٍّ رسولُ اللهِ ولم يسألْ (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾: ذُكِر لنا أن رسولَ اللهِ قال: "لا أشُكُ ولا أَسْأَلُ".

حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الأعْلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾. قال: بَلَغَنا أن رسولَ اللهِ قال: "لا أَشُكُ ولا أسألُ" (٢).

فإن قال (٣): فما وجهُ مخرجِ هذا الكلامِ إذن إن كان الأمرُ على ما وصفت؟ قيل: قد بَيَّنا في غيرِ موضعِ مِن كتابِنا هذا، استجازةَ العربِ قولَ القائلِ منهم لمملوكِه: إن كنتَ مملوكي فانْتهِ إلى أمرى. والعبدُ المأمورُ بذلك لا يشكُّ سيدُه القائلُ له ذلك أنه عبدُه، كذلك قولُ الرجلِ منهم لابنِه: إن كنتَ ابني فَبِرَّنى. وهو لا يشُكُّ فى ابنِه أنه ابنُه، وإن ذلك مِن كلامِهم صحيحٌ مستفيضٌ فيهم، وذكرَنا ذلك بشواهدِه، وأن منه قولَ اللهِ تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [المائدة: ١١٦]. وقد عَلِم جلّ ثناؤُه أن عيسى لم يقُلْ ذلك، وهذا من ذلك، لم يكنْ شاكًّا في حقيقةِ خبرِ اللَّهِ وصحته، والله تعالى بذلك من أمره كان عالمًا، ولكنه جلّ ثناؤُه خاطَبه خطابَ قومِه


(١) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (١٠٧٧ - تفسير) عن هشيم به.
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٩٧ عن معمر به.
(٣) بعده في ت ٢، ف: "قائل".