للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك أن الأخَ مِن جنس أحدٍ، وكذلك الأبُ، ولكن لو اختلَف الجنسانِ حتى يكونَ ما بعدَ الاستثناءِ مِن غيرِ جنسِ ما قبلَه، كان الفصيحُ مِن كلامِهم النصبَ، وذلك لو قلتَ: ما بَقِى فى الدارِ أحدٌ إلا الوتِدَ. وما عندَنا أحدٌ إلا كلبًا أو حمارًا. لأن الكلبَ والوتدَ والحمارَ مِن غيرِ جنسِ أحدٍ، ومنه قولُ النابغةِ الذُّبيانيِّ (١)

..................... عَيَّتْ (٢) جوابًا وما بالرَّبْعِ مِن أحدِ

ثم قال:

إِلَّا أَوَارِىَّ (٣) لأْيًا ما أُبَيِّنُها … والنُّؤْىُ كالحوضِ بالمظلومةِ الجَلَدِ

فنصَب الأوارِىَّ، إذ كان مستثنًى مِن غيرِ جنسِه، فكذلك نَصْبُ ﴿قَوْمَ يُونُسَ﴾، نُصبوا (٤) لأنهم أمةٌ غيرُ الأممِ الذين استُثْنُوا منهم ومن غيرِ جنسِهم وشكلِهم، وإن كانوا مِن بني آدمَ، وهذا الاستثناءُ الذي يسمِّيه بعضُ أهلِ العربيةِ الاستثناءَ المنقَطِعَ، ولو كان قومُ يونسَ بعضَ الأمةِ الذين استُثنوا منهم كان الكلامُ رَفْعًا، ولكنهم كما وَصفتُ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيِّ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا﴾.


(١) تقدم في ١/ ١٨٣، ١٨٤.
(٢) في م: "أعيت".
(٣) في الأصل: "الأوارى".
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.