للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾. فلم تكُنْ قريةٌ غَشِيها العذابُ، ثم أُمسِك عنها إلا قومَ يونسَ خاصةً، فلما رأى ذلك يونسُ لِكِنَّهُ، ذَهَب عاتبًا على ربِّه، وانطَلق مغاضبًا، وظنَّ أن لن يُقْدَرَ (١) عليه، حتى رَكِبَ في سفينةٍ، فأصابَ أهلَها عاصفٌ مِن الريحِ. فذكَر قصةَ يونسَ وخبرَه (٢).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، قال: لمَّا رَأَوُا العذابَ ينزِلُ فَرَّقوا بينَ كلِّ أنثى وولدِها مِن الناسِ والأنعامِ، ثم قاموا جميعًا فدَعَوُا الله وأخلَصوا إيمانُهم، فرَأَوُا العذابَ يُكْشَفُ عنهم، قال يونسُ حينَ كُشِفَ العذابُ: أرجِعُ إليهم وقد كَذَبْتُهم! وكان يونسُ قد وَعَدهم العذابَ بصبحِ ثالثةٍ، فعندَ ذلك خَرَجَ مُغْضَبًا، وساءَ ظُنُّه.

حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا عبدُ العزيزِ، قال: ثنا سفيانُ، عن إسماعيلَ بنِ عبدِ الملكِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، قال: لمَّا أُرسل يونسُ إلى قومِه يَدْعوهم إلى الإسلامِ وتَرْكِ ما هم عليه. قال: فَدَعاهم فأبَوا، فقِيل له: أخبِرْهم أن العذابَ مُصَبِّحُهم. فقالوا: إنا لم تُجرِّب عليه كَذِبًا، فانظُروا، فإن باتَ فيكم فليس بشيءٍ، وإن لم يَبِتْ فاعْلَموا أن العذابَ مُصَبِّحُكم. فلما كان في جوفِ الليلِ أخَذَ عُلاثَةً (٣)، فتَزوَّدَ منها (٤) شيئًا، ثم خرَج، فلما أصبَحوا تَغَشَّاهم العذابُ كما يَتَغَشَّى الإنسانَ الثوبُ فى القبرِ، فَفَرَّقوا بينَ الإنسانِ وولدِه وبينَ البهيمةِ وولدِها، ثم عَجُّوا إلى اللهِ، فقالوا: آمنَّا بما جاءنا به يونسُ وصدَّقْنا. فكشَفَ اللهُ عنهم العذابَ، فخرَج يونسُ


(١) في م: "نقدر".
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ١٣، ١٤.
(٣) في م:"مخلاته"، وفى ت ١، س، ف: "علامة"، وفى ت ٢:"مخلاية"، والعلاثة: الأقط المخلوط بالسمن، أو الزيت المخلوط بالأقط. اللسان (ع ل ث).
(٤) في الأصل، م، ف: "فيها".