للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موسى، فيكونَ ذلك دليلًا على صحةِ قولِ مَن قال: عُنِي به لسانُ محمدٍ ، أو (١) محمدٌ نفسُه، أو عليٌّ. على قولِ مَن قال: عُنِي به عليٌّ. ولا يُعْلَمُ أن أحدًا كان تلا ذلك قبلَ القرآنِ أو جاء به ممن ذَكَرَ أهلُ التأويلِ أنه عُنِي بقولِه: ﴿وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ﴾ غيرُ جبريلَ .

فإن قال قائلٌ: فإن كان ذلك دليلَك على أن المَعْنيَّ به جبريلُ، فقد يجِبُ أن تكونَ القراءةُ في قولِه: ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى﴾. بالنصبِ؛ لأن معنى الكلامِ على ما تأوَّلتَ يجِبُ أن يكونَ: ويتلو القرآنَ شاهدٌ مِن اللَّهِ، ومِن قبلِ القرآنِ كتابَ موسى؟

قيل: إن القرأةَ في الأمصارِ قد أجمَعت على قراءةِ ذلك بالرفعِ، فلم يكُنْ لأحدٍ خلافُها، ولو كانت القراءةُ جاءت في ذلك بالنصبِ، كانت قراءةً صحيحةً ومعنًى صحيحًا.

فإن قال: فما وجهُ رفعِهم إذن "الكتابَ"، على ما ادَّعيتَ مِن التأويلِ؟

قيل: وجهُ رفعِهم هذا أنهم ابتدءوا الخبرَ عن مجيءِ كتابِ موسى قبلَ كتابِنا المنزَّلِ على محمدٍ ، فرفَعوه بـ: ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ﴾ (٢)، والقراءةُ كذلك، والمعنى الذي ذكرتُ مِن معنى تلاوةِ جبريلَ ذلك قبلَ القرآنِ، وأن المرادَ من معناه ذلك، وإن كان الخبرُ مستأنفًا على ما وصَفتُ، اكتفاءً بدلالةِ الكلامِ على معناه.

وأما قولُه: ﴿إِمَامًا﴾. فإنه نَصْبٌ على القطْعِ مِن ﴿كِتَابُ مُوسَى﴾. وقولُه: ﴿وَرَحْمَةً﴾. عَطْفٌ على الإمامِ، كأنه قيلَ: ومِن قبلِه كتابُ موسى إمامًا لبني إسرائيلَ يأتمُّون به، ورحمةً لهم (٣) مِن اللَّهِ تَلاه على موسى.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "و".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "وفيه".
(٣) سقط من: ت ١، س، ف.