للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (١٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ﴾ بهذا القرآنِ، فيجحَدْ أنه مِن عندِ اللَّهِ، ﴿مِنَ الْأَحْزَابِ﴾، وهم المُتَحَزِّبةُ على مِلَلِهم، ﴿فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ﴾: أنه يصيرُ إليها في الآخرةِ بتكذيبِه. يقولُ اللَّهُ لنبيِّه محمدٍ : ﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ﴾. يقولُ: فلا تَكُ في شكٍّ منه، مِن أن موعِدَ مَن كَفَرَ بالقرآنِ مِن الأحزابِ النارُ (١)، وأن هذا القرآنَ الذي أنزَلناه إليك مِن عندِ اللَّهِ.

ثم ابتَدَأ جلّ ثناؤُه الخبرَ عن القرآنِ، فقال: إن هذا القرآنَ الذي أنزلناه إليك يا محمدُ الحقُّ مِن ربِّك لا شكَّ فيه، ولكن أكثرَ الناسِ لا يُصدِّقون بأن ذلك كذلك.

فإن قال قائلٌ: أوَ كان النبيُّ في شَكٍّ مِن أن القرآنَ مِن عندِ اللَّهِ، وأنه حَقٌّ، حتى قيل له: ﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ﴾؟

قيلَ: هذا نظيرُ قولِه: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ﴾ [يونس: ٩٤]. وقد بَيَّنَّا ذلك هنالك (٢).

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الوهابِ، قال: ثنا أيوبُ، قال: نُبِّئتُ أن سعيدَ بنَ جبيرٍ قال: ما بَلَغَني حديثٌ عن رسولِ اللَّهِ على وَجْهِه إلا وجَدتُ مِصْداقَه في كتابِ اللَّهِ تعالى، حتى قال: "لا يسمَعُ بي أحدٌ مِن هذه الأمةِ، ولا


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٢) ينظر ما تقدم في ص ٢٨٧، ٢٨٨.