للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي﴾، إلى ﴿بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾، فَجَعَل الماءُ (١) ينقُصُ ويغيضُ ويُدبِرُ. وكان استواءُ الفلكِ على الجوديِّ - فيما يزعُمُ أهلُ التوراةِ - في الشهرِ السابعِ لسبعَ عشْرَةَ ليلةً مضَت منه، في أوّلِ يومٍ من الشهرِ العاشرِ رُئِي رءوسُ الجبالِ، فلما مَضَى بعد ذلك أربعون يومًا (٢)، فتَح نوحٌ كُوَّةَ الفلكِ التي صنَع فيها، ثم أرسلَ الغرابَ لينظرَ له ما فعلَ الماءُ، فلم يرجِعْ إليه، فأرسلَ الحمامةَ فرجَعت إليه، ولم يَجدْ لرجلَيها موضعًا، فبسط يدَه للحمامةِ فأخَذها، ثم مكَث سبعةَ أيامٍ، ثم أرسَلها لتنظُرَ له، فرجَعت حينَ أمست وفي فِيها ورقُ زيتونةٍ، فعَلِم نوحٌ أن الماءَ قد قلَّ عن (٣) وجهِ الأرضِ، ثم مكَث سبعةَ أيامٍ، ثم أرسَلها فلم ترجِعْ، فعَلِمَ نوحٌ أن الأرضَ قد برَزتْ، فلما كمَلت السنةُ فيما بينَ أن أرسَل اللهُ الطوفانَ إلى أن أرسلَ نوحٌ الحمامةَ، ودخَل يومٌ واحدٌ من الشهرِ الأوَّلِ مِن سنةِ اثنتين - برَز وَجهُ الأرضِ، وظهَر اليَبَسُ، وكشَف نوحٌ غِطاءَ الفلكِ، ورأى وجهَ الأرضِ، وفي الشهرِ الثاني مِن سنةِ اثنتَين في سبعٍ وعشرين ليلةً منه، قيل لنوحٍ: ﴿اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. حُدِّثتُ عن الحسين بن الفرج، قال: سمعتُ أبا معاذٍ يقولُ: ثنا عبيد بنُ سليمان، قال: سمعتُ الضحاكَ يقولُ: يزعُمُ ناسٌ أن مَن غَرِقَ مِن الولدان مع آبائهم، وليس كذلك، إنما الولدان بمنزلة الطير وسائر من أغرَقَ الله بغير ذنب، ولكن


(١) سقط من: م.
(٢) في ت ١: "ليله".
(٣) في ت ٢: "على".