للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالليلِ، فإذا أصبَح أتاهم، فوعَظَهم وذَكَّرهم، وإذا أمسى خَرَجَ إلى مسجدِه فباتَ فيه".

قال حجاجٌ: وقال ابنُ جريجٍ: لمَّا قال لهم صالحٌ: إنه سيولَدُ غلامٌ يكونُ هلاكُكم على يدَيه. قالوا: فكيف تأمُرُنا؟ قال: آمُرُكم بقتلِهم. فقتَلُوهم إلا واحدًا. قال: فلما بَلَغ ذلك المولودُ قالوا: لو كنَّا لم نقتُلْ أولادَنا، لكان لكلِّ رجلٍ منَّا مثلُ هذا، هذا عَمَلُ صالحٍ. فائْتَمَرُوا بينَهم بقَتلِه، وقالوا: نخرُجُ مسافرين، والناسُ يَرَوننا علانيةً، ثم نرجِعُ مِن ليلةِ كذا، من شهرِ كذا وكذا، فنرصُدُه عندَ مُصلَّاه، فنقتُلُه، فلا يحسَبُ الناسُ إلا أنَّا مسافرون كما نحن. فأقبَلوا حتى دَخَلوا تحتَ صخرةٍ يرصُدُونه، فأرسَل اللَّهُ عليهم الصخرةَ فرَضَختهم (١)، فأصبَحوا رَضحًا. فانطَلَقَ رجالٌ ممن قد اطَّلَع على ذلك منهم، فإذا هم رَضخٌ، فرَجَعوا يصيحون في القريةِ: أي عبادَ اللَّهِ، أما رَضِيَ صالحٌ أن أَمَرَهم أن يَقتُلوا أولادَهم، حتى قَتَلهم؟! فاجتمَع أهلُ القريةِ على عقرِ (٢) الناقةِ أجمعون، وأحجَموا عنها إلَّا ذلك الابنَ (٣) العاشرَ.

ثم رَجَعَ الحديثُ إلى حديثِ رسولِ اللَّهِ ، قال: "فأرادوا أن يمكُروا بصالحٍ، فمشَوا حتى أَتَوا على سَرَبٍ (٤) على طريقِ صالحٍ، فاختبَأ فيه ثمانيةٌ (٥)، وقالوا: إذا خرَج علينا قَتَلناه، وأتينا أهلَه فبيَّتناهم. فأمَر اللَّهُ ﷿ الأرضَ، فاستَوت عليهم، قال: فاجتمَعوا ومَشَوا إلى الناقةِ، وهي على حَوضِها قائمةٌ، فقال


(١) الرّضخُ مثل الرّضح: كسر الرأسِ. اللسان (ر ض خ).
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "قتل".
(٣) في الأصل، ص، ت ١، س، ف: "ابن".
(٤) السرَب: حفير تحت الأرض. اللسان (س ر ب).
(٥) بعده في الأصل: "وبقى".