للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهلِ العلمِ، ابنةَ تسعين سنةً، وإبراهيمُ ابنَ عشرين ومائةِ سنةٍ (١) -: ﴿يَاوَيْلَتَى﴾، وهي كلمةٌ تقولُها العربُ عندَ التعجبِ مِن الشيءِ، أو الاستنكارِ للشيءِ، فيقولون عندَ التعجبِ: ويلُ امِّه رجلًا ما أرجَلَه!

وقد اختلَف أهلُ العربيةِ في هذه الألفِ التي في ﴿يَاوَيْلَتَى﴾.

فقال بعضُ نحويِّي البصرةِ: هذه ألفٌ خفيفةٌ (٢)، إذا وقفتَ قلتَ: يا ويلتاه. وهى مثلُ ألفِ النُّدبةِ، فلُطِّفت من أن تكونَ في السَّكتِ، وجُعِلت بعدَها الهاءُ لتكونَ أبينَ لها وأبعدَ في الصوتِ؛ وذلك أن الألفَ إذا كانت بينَ حرفَين، كان لها صدًى، كنحوِ الصوتِ يكونُ في جوفِ الشيءِ فيتردَّدُ فيه، فيكونُ أكثرَ وأبينَ.

وقال غيرُه: هذه ألفُ النُّدبةِ، فإذا وقفتَ عليها فجائزٌ. وإن وقفتَ على الهاءِ فجائزٌ. وقال: ألا تَرَى أنهم قد وَقَفوا على قولِه: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ﴾ [الإسراء: ١١]، فحَذَفوا الواو وأثبَتوها (٣)، وكذلك: ﴿مَا كُنَّا نَبْغِ﴾ [الكهف: ٦٤] بالياءِ، وغيرِ الياءِ (٤). قال: وهذا أقوى من ألفِ النُّدبةِ وهائِها.

والصوابُ من القولِ في ذلك عندَنا، أن هذه الألفَ ألفُ النُّدبةِ، والوقفُ عليها بالهاءِ وغيرِ الهاءِ جائزٌ في الكلامِ؛ لاستعمالِ العربِ ذلك في كلامِها.


(١) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٢٤٩ عن ابن حميد به، وابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٥٦ من طريق سلمة عن ابن إسحاق بنحوه.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، س: "حقيقة".
(٣) القرأة جميعهم على حذف الواو في: ﴿وَيَدْعُ﴾ وصلا ووقفا إتباعا للرسم، غير أن يعقوب الحضرمي كان يثبتها في الوقف. الإتحاف ص ١٧١.
(٤) قرأ بإثبات الياء وصلا: نافع وأبو عمرو والكسائي وأبو جعفر المدني. وقرأ بإثباتها في الحالين ابن كثير ويعقوب الحضرمي. الإتحاف ص ١٧٨، والبحر ٦/ ١٤٧.