للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرُ منهم: هو "فِعِّيل"، من قولِ القائلِ: أسْجَلْتُه: أرسلتُه، فكأنه مِن ذلك. أي: مُرْسَلةٌ عليهم.

وقال آخرُ منهم: هو مِن سَجَلْتُ له سَجْلًا. مِن العطاءِ، فكأنه قيل: مُنِحوا ذلك البلاء فأُعْطُوه. وقالوا: أَسْجَلَه: أَهْمَلَه (١).

وقال بعضُهم: بل هو من السِّجِلِّ؛ لأنه كان فيها عَلَمٌ كالكتابِ.

وقال آخرُ منهم: بل هو طينٌ يُطْبَحُ كما يُطْبَخُ الآجُرُّ، ويُنشِدُ بيتَ الفضلِ بنِ عباسٍ (٢):

مَنْ يُسَاجِلْنى يُسَاجِلْ ماجِدًا … يملأُ الدَّلْوَ إلى عَقْدِ الكَرَبْ (٣)

فهذا مِن: سَجَلْتُ له سَجْلًا: أعطيتُه.

والصوابُ مِن القولِ فى ذلك عندَنا ما قاله المفسرون، وهو أنها مِن طينٍ، وبذلك وَصَفها اللهُ ﷿ في كتابِه في موضعٍ آخَرَ، وذلك قولُه: ﴿لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ﴾ [الذاريات: ٣٣، ٣٤].

وقد رُوِيَ عن سعيدِ بن جبيرٍ أنه كان يقولُ: هي فارسيةٌ ونَبَطِيَّةٌ.

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن عطاءِ بنِ السائبِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، قال: "سجيلٌ (٤) " فارسيةٌ ونَبَطيةٌ: سج إيل.

فذهَب سعيدُ بنُ جبيرٍ في ذلك إلى أن اسمَ الطينِ بالفارسيةِ جل لا إيل، وأن


(١) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "أمهله".
(٢) الأغانى ١٦/ ١٧٨، والكامل للمبرد ١/ ١٩٣، ومجاز القرآن ٢/ ٢٢٩.
(٣) الكَرَب: الحبل يشد وسط خشبة الدلو فوق الرشاء ليقويه. الوسيط (ك ر ب).
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.