للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: قال شعيبٌ لقومِه: يا قومِ، أرأيتُم إن كنتُ على بيانٍ وبرهانٍ من ربِّى فيما أدعوكم إليه من عبادةِ اللهِ، والبراءةِ مِن عبادةِ الأوثانِ والأصنامِ، وفيما أنهاكم عنه مِن إفسادِ المالِ، ﴿وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾. يعنى: حلالًا طيبًا، ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾. يقولُ: وما أريدُ أن أنهاكم عن أمرٍ، ثم أفعلَ خلافَه، بل لا أفعلُ إلا ما آمُرُكم به، ولا أنتهي إلا عما أنهاكم عنه.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾. يقولُ: لم أكنْ لأنهاكم عن أمرٍ ثم أركبَه وآتِيَه، ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ﴾. يقول: ما أريدُ فيما أمرُكم به وأنهاكم عنه، إلا إصلاحَكم وإصلاحَ أمرِكم، ﴿مَا اسْتَطَعْتُ﴾. يقولُ: ما قدرْتُ على إصلاحِه، لئلا ينالَكم مِن اللهِ عقوبةٌ مُنكِّلةٌ بخلافِكم أمرَه، ومعصيتِكم رسولَه، ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ﴾. يقولُ: وما إصابتى الحقَّ في (١) محاولتي (٢) إصلاحَكم وإصلاحَ أمرِكم إلا باللهِ، فإنه هو المعينُ على ذلك، إن لا يُعِنِّى عليه لم أُصِبِ الحقَّ فيه (٣).

وقولُه: ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾. يقولُ: إِلى اللهِ أفوِّضُ أمرِى، فإنه ثقتى، وعليه اعتمادى في أمورِى. وقولُه: ﴿وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾: وإليه أُقبِلُ بالطاعةِ، وأرجِعُ بالتوبةِ.

كما حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا ابنُ نُميرٍ، عن ورقاءَ، عن ابنِ أبى نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾. قال: أرجعُ.

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبى


(١) في الأصل: "من".
(٢) فى ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "مجادلتي".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٧٤ من طريق سعيد به مقتصرًا على قوله: لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركبه.