للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذِكرُه: قال شعيبٌ لقومِه: يا قومِ أَعْزَزْتُم قومَكم، فكانوا أعزَّ عليكم مِنَ اللهِ، واستخفَفْتُم بربِّكم، فجعَلتموه خَلْف ظهورِكم، لا تأتمرون لأمرِه، ولا تخافون عقابَه، ولا تعظِّمونه حقَّ عظمتِه.

يقالُ للرجلِ إذا لم يقضِ حاجةَ الرجلِ: نبذَ حاجتَه وراءَ ظهرِه. أى: ترَكَها لا يلتفتُ إليها، وإذا قضاها قيل: جعَلها أمامَه ونُصْبَ عينيه. ويقال: ظَهَرتَ بحاجتي، وجَعَلتَها ظِهْرِيَّةً أى: خلفَ ظهرِك، كما قال الشاعرُ (١):

وَجَدْنا بنى البَرْصَاءِ مِنْ وَلَدِ الظُّهْرِ

بمعنى أنهم يَظْهَرون بحوائجِ الناسِ، فلا يلتفتون إليها.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿قَالَ يَاقَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا﴾. وذلك أن قومَ شعيبٍ ورهطَه كانوا أعزَّ عليهم مِنَ اللهِ، وصغُر شأنُ اللهِ عندهم عزَّ ربُّنا وجلَّ (٢).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا﴾. قال: قَصًى (٣).


(١) هو أرطاة بن سهية المرى. وصدر البيت: فمن مبلغ أبناء مرة أننا. والبيت في مجاز القرآن لأبي عبيدة ١/ ٢٩٨، واللسان (ظ هـ ر).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٧٧ عن محمد بن سعد به.
(٣) في م: "قفا". وقصًى مصدر قصى بمعنى بَعُد. وينظر القاموس (ق ص ى). والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٧٧ من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح به.