للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأشْمَتَّ العُدَاةَ (١) بِنا فَأَضْحَوْا (٢) … لَدَيَّ تَبَاشَرُونَ (٣) بِمَا لَقِينا

وقال: يريدُ: لَدَيَّ يتَباشرون بما لَقِينا، فحذَف ياءً؛ لحركَتهِن واجتماعِهن. قال: ومثلُه (٤):

كأنَّ مِنْ آخِرِها إلْقادِمِ … مَخْرِمَ (٥) نَجْدٍ فارغَ (٦) المَخارِمِ

وقال: أراد إلى القادمِ، فحذَف اللامَ عندَ اللامِ.

وقال آخرون: معنَى ذلك، إذا قُرِئَ كذلك: ﴿وَإِنَّ كُلًّا﴾: شديدًا وحقًّا، ﴿لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ﴾. قالوا (٧): وإنما يُرادُ إذا قُرِئَ ذلك كذلك: (وَإِنَّ كُلًّا لمًّا) بالتَّشديدِ والتنوينِ (٨)، ولكن قارِئُ ذلك كذلك حذَف منه التنوينَ، فأخرَجه على لفظِ "فَعْلَى": "لَمَّا"، كما فعَل ذلك في قولِه: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى﴾ [المؤمنون: ٤٤] فقرَأ بعضُهم: (تترًى) بالتنوينِ -كما قرَأ من قرَأ: (لَمًّا) بالتنوينِ (٩) - وقرأها آخرون بغيرِ تنوينٍ، كما قرَأ: (لَمَّا) مَن قرأه بغيرِ تنوينٍ (١٠). وقالوا: أصلُه مِن اللَّمَمِ مِن قولِ اللهِ تعالى: ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا﴾ [الفجر: ١٩]. يعنى: أكلًا شديدًا.

وقال آخرون: معنَى ذلك، إذا قُرِئَ كذلك: وإنَّ كُلَّا "إِلَّا" لَيُوفيَنَّهم؛ كما


(١) في ص، ت ٢، س: "الأعداء".
(٢) في س، ف: "فأصبحوا".
(٣) في م: "يتباشرون".
(٤) البيت في معانى القرآن للفراء ٢/ ٢٩، واللسان (ق د م) بغير نسبة.
(٥) المخرم: منقطع أنف الجبل، وقيل: الطرق في الجبال وأفواه الفجاج. اللسان (خ ر م).
(٦) فى م، ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "فارع".
(٧) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "قال".
(٨) هي قراءة الزهري، وينظر معانى القرآن ٢/ ٣٠، ومختصر الشواذ ص ٦٦.
(٩) سيأتى تخريج هذه القراءة فى سورة المؤمنون ١٧/ ٤٩، ٥٠.
(١٠) قراءة (لمّا) بالتشديد هى قراءة عاصم وابن عامر وحمزة، وقراءة التخفيف هي قراءة الباقين وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائي. التيسير ص ١٠٣.