للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأولى التأويلين بالصوابِ فى ذلك قولُ مَن قال في ذلك: هنّ (١) الصلواتُ الخمسُ؛ لصحةِ الأخبارِ عن رسولِ اللهِ ، وتواتُرِها عنه، أنه قال: "مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ مَثَلُ نَهْرٍ جارٍ على بابِ أحَدِكم، يَغْتَمِسُ (٢) فيه كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَماذا يُبْقِينَ مِنْ دَرَنهِ؟! (٣). وأن ذلك فى سياقِ أمرِ اللهِ بإقامةِ الصلواتِ، فالوعدُ على إقامتِها الجزيلَ من الثوابِ عَقيبَها، أولى من الوعدِ على ما لم يجرِ له ذكرٌ من سائرِ صالحاتِ الأعمالِ، إذا خُصَّ بالقصدِ بذلك بعضٌ دونَ بعضٍ.

وقولُه: ﴿ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾. يقولُ ﷿: هذا الذى أوَعدتُ عليه، من الركونِ إلى الظلمِ، وتهدَّدتُ فيه، والذي وعَدتُ فيه إقامةِ الصلواتِ اللواتى يُذهِبْن السيئاتِ، تذكرةٌ ذكَّرتُ بها قومًا يذكُرون وعدَ اللهِ فيرجون ثوابَه، ووعيدَه فيخافون عقابَه، لا مَن قد طُبع على قلبِه، فلا يجيبُ داعيًا، ولا يسمَعُ زاجرًا.

وذُكِر أن هذه الآيةَ نزَلت بسببِ رجلٍ نال من غيرِ زوجتِه ولا مِلكِ يمينِه بعضَ ما يحرُمُ عليه، فتاب من ذنبِه ذلك.

ذكرُ الروايةِ بذلك

حدَّثنا هنادُ بنُ السَّرِىِّ، قال: ثنا أبو الأحوصِ، عن سماكٍ، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ والأسودِ، قالا: قال عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ: جاء رجلٌ إلى النبيِّ ، فقال:


(١) فى ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "من".
(٢) فى ص، م، ف: "ينغمس"، وفى ت ٢: "يلتمس".
(٣) أخرجه أحمد ٢٢/ ١٧٧ (١٤٢٧٥)، ومسلم (٦٦٨)، من حديث جابر، وأخرجه البخاري (٥٢٨)، ومسلم (٦٦٧) من حديث أبي هريرة نحوه.