للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتُوبوا إليه مما صنَعْتُم، وسَلُوه التوبةَ على مَن ترَكْتُم وراءَكم مِن قومِكم، صوموا وتطهَّروا وطهِّروا ثيابَكم. فخرَج بهم إلى طُورِ سَيْناءَ لميقاتٍ وقَّته له ربُّه، وكان لا يَأْتِيه إلا بإذنٍ منه وعلمٍ، فقال له السبعون -فيما ذُكِر لي- حينَ صنعوا ما أمَرهم به، وخرَجوا للقاءِ ربِّه، قالوا: يا موسى، اطْلُبْ لنا إلى ربِّك نَسْمَعْ كلامَ ربِّنا. فقال: أفْعَلُ. فلما دنا موسى مِن الجبلِ وقَع عليه [عمودُ الغَمامِ] (١) حتى تغَشَّى الجبلَ كلَّه، ودنا موسى فدخَل فيه، وقال للقومِ: ادْنُوا. وكان موسى إذا كلَّمه (٢) وقَع على جَبهتِه نورٌ ساطعٌ لا يَسْتطيعُ أحدٌ مِن بني آدمَ أن يَنْظُرَ إليه، فضُرِب دونَه بالحجابِ (٣)، ودنا القومُ حتى إذا دخَلوا في الغَمامِ وقَعوا سُجودًا، فسمِعوه وهو يُكَلِّمُ موسى يَأْمُرُه ويَنْهاه: افْعَل ولا تَفْعَلْ. فلما فرَغ إليه (٤) مِن أمرِه انْكَشَف (٥) عن موسى الغَمامُ، فأقبل إليهم فقالوا لموسى: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً﴾. فأَخذَتْهم الرجفةُ، وهي الصاعقةُ، فماتوا جميعًا، وقام موسى يُناشِدُ ربَّه ويَدْعُوه ويَرْغَبُ إليه ويقولُ: ﴿رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ﴾ [الأعراف: ١٥٥]. قد سَفِهوا، أفتُهْلِكُ مَن ورائي مِن بني إسرائيلَ [بما فعَل] (٦) السُّفهاءُ منا؟ -أى: إن هذا لهم هَلاكٌ- اخْتَرْتُ منهم سبعين رجلًا، الخيِّرَ فالخيِّرَ، أَرْجِعُ إليهم وليس معي منهم رجلٌ واحدٌ، فما الذي يُصَدِّقوني به أو يَأْمَنوني عليه بعدَ هذا؟ ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ [الأعراف: ١٥٦]. فلم يَزَلْ موسى يُناشِدُ ربَّه [ويسْألُه] (٧)


(١) في ص: "عمود غمام"، وفي م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الغمام".
(٢) بعده في م: "ربه".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الحجاب".
(٤) سقط من: ص، م.
(٥) في م: "وانكشف".
(٦) في م: "بما تفعل". وفي ت ١: "مما يفعل"، وفي ت ٢: "بما تفعل".
(٧) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.