للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾. قال: قالوا لأهل الماء: إنما هو بضاعةٌ (١).

وقال آخرون: إنما عَنى بقوله: ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾. إخوة يوسفَ أنهم أسَرُّوا شأن يوسُفَ أن يكون أخاهم، قالوا: هو عبدٌ لنا.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾. يعنى: إخوة يوسُفَ أَسَرُّوا شأنه، وكتموا أن يكون أخاهم، وكتم يوسُفُ شأنه، مخافة أن يَقْتُلَه إخوته، واختار البيع، فذكره إخوته لوارد القوم، فنادى أصحابه، قال: يا بُشْرَى (٢)، هذا غلامٌ يُباع. فباعه إخوته (٣).

وأولى هذه الأقوال بالصواب قولُ مَن قال: وأسرَّ وارد القوم المُدْلِى دلوه ومن معه من أصحابه مِن رُفقته السيَّارةِ، أمْرَ يوسُفَ أنهم اشْتَرَوْه؛ خيفةً منهم أن يَسْتَشْرِكوهم، وقالوا لهم: هو بضاعةٌ أبْضَعها معنا أهلُ الماءِ. وذلك أنه عَقِبَ (٤) الخبر عنه، فلأن يكونَ ما وليه من الخبر خبرًا عنه، أشبهُ مِن أن يكون خبرًا عمَّن هو بالخبر عنه غيرُ متَّصِل.

وقولُه: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾. يقول تعالى ذكره: والله ذو علمٍ بما يَعْمَلُه باعةُ يوسُفَ ومُشْتَروه في أمره، لا يَخْفَى عليه من ذلك شيءٌ، ولكنه ترك تغيير


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١١٤ (١١٤١٣) من طريق جابر، عن مجاهدٍ بلفظ: استبضعوه أهل الماء، وقد باعوه سرا.
(٢) فى ت ١، ت ٢، س، ف: "بشراي".
(٣) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ١١ إلى المصنف.
(٤) في م: "عقيب".