للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا﴾ إنه راوَدَني عن نفسي، فدفَعْتُه عن نفسي، فشقَقْتُ قميصَه. قال يوسُفُ: بل هي راوَدَتْني عن نفسي، وفَرَرْتُ منها فأَدْرَكَتْني، فشقَّت قميصي. فقال ابن عمِّها: تِبْيانُ هذا في القميصِ، فإن كان القميصُ قُدَّ مِن قُبُل، فصدَقَت وهو مِن الكاذبين، وإن كان القميصُ (١) قُدَّ مِن دبرٍ، فكذَبَت وهو مِن الصادقين. فأُتِى بالقميصِ، فوجَدَه قُدَّ مِن دبرٍ، ﴿قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (٢٩)(٢).

حدّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾: إطفيرَ قائمًا على بابِ البيتِ، فقالت وهابَتْه: ﴿مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. ولطَخَته مكانَها بالسيئةِ، فَرَقًا مِن أن يَتَّهِمَها صاحبُها على القبيحِ، فقال هو، وصدَقه الحديثَ: ﴿قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾.

وقولُه: ﴿قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا﴾ الآية. يقولُ تعالى ذكرُه: قالت امرأةُ العزيزِ لزوجِها لمَّا ألْفَياه عند البابِ، فخافت أن يَتَّهِمَها بالفُجورِ: ما ثوابُ رجلٍ أراد بامرأتِك الزنى ﴿إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ﴾ في السجنِ، أو إلا ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. يقولُ: مُوجِعٌ.

وإنما قال: ﴿إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾؛ لأن قولَه: ﴿إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ﴾. بمعنى: إلا السجنُ، فعَطف العذابَ عليه، وذلك أن "أنْ" وما عمِلَت فيه بمنزلةِ الاسمِ.


(١) في م، ت ١، ت ٢، س، ف: "قميصه". والمثبت من: ص.
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٣٣٨.