للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمرَه، كما حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا عمرُو بنُ محمدٍ، عن أسباطَ، عن السديِّ: ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾. قال: قالت المرأةُ لزوجِها: إن هذا العبدَ العِبْرانيَّ قد فضَحنى في الناسِ، يَعْتَذِرُ إليهم ويُخْبِرُهم أنى راوَدْتُه عن نفسِه، ولستُ أُطِيقُ أن أَعْتَذِرَ بعُذْري، فإِما أن تَأْذَنَ لِي فَأَخْرُجَ فَأَعْتَذِرَ، وإما أن تَحْبِسَه كما حبَسْتَنى. فذلك قولُ اللهِ: ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ (١).

وقد اخْتَلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ دخولِ هذه اللامِ في: ﴿لَيَسْجُنُنَّهُ﴾؛ فقال بعضُ البصريين: دخَلَت هاهنا؛ لأنه موضعٌ يَقَعُ فيه "أيٌّ"، فلمَّا كان حرفُ الاستفهام يَدْخُلُ فيه دخَلَته النونُ؛ لأن النونَ تَكونُ في الاستفهامِ، تقولُ: بدا لهم أيُّهم (٢) يَأْخُذُنَّ. أي: اسْتَبان لهم.

وأَنْكَر ذلك بعضُ أهلِ العربيةِ، فقال: هذا يمينٌ، وليس قولُه: هل تَقُومَنَّ؟ بيمينٍ، و: لَتَقومَنَّ. لا يكونُ إلا يمينًا.

وقال بعضُ نحويى الكوفةِ: ﴿بَدَا لَهُمْ﴾ بمعنى القولِ. والقولُ يَأْتى بكلِّ الكلامِ بالقسمِ وبالاستفهامِ، فلذلك جاز: بدا لهم قام زيدٌ، وبدا لهم لَيَقومَنَّ.

وقيل: إن الحينَ (٣) في هذا الموضعِ معنِيٌّ به سبعُ سِنينَ.


(١) ذكره المصنف في تاريخه ١/ ٣٤٢، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ١٣٩ (١١٥٨٤) من طريق أسباط به.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "أنهم".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "الخبر".