للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحدَّثنا موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ: لمّا تاب اللهُ على قومِ (١) موسى وأحْيَا السبعين الذين اخْتارَهم موسى بعدَ ما أماتهم، أمَرهم اللهُ بالسيرِ (٢) إلى أَرِيحا، وهى أرضُ بيتِ المقدسِ، فساروا حتى إذا كانوا قريبًا منها (٣) بعَث موسى اثنَىْ عشَرَ نَقيبًا، فكان مِن أمرِهم وأمرِ الجبَّارِين وأمْرِ قومِ موسى ما قد قصَّ اللهُ في كتابِه، فقال قومُ موسى لموسى: ﴿اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾. فغضِب موسى فدعا عليهم، فقال: ﴿رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾، فكانت عَجْلةً من موسى عجِلَها، فقال اللهُ: ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ [المائدة: ٢٥، ٢٦]. فلما ضُرِب عليهم التيهُ ندِم موسى، وأتاه قومُه الذين كانوا معه يُطيعونه فقالوا له: ما صنَعْتَ بنا يا موسى؟ فلما ندِم أوْحَى اللهُ إليه: [لا تَأْسَ] (٤) على القومِ الفاسِقِين -أى: لا تَحْزَنْ على القومِ الذين سمَّيْتُهم فاسِقِين- فلم يَحْزَنْ. فقالوا: يا موسى، فكيف لنا بماءٍ ههنا؟ أين الطعامُ؟ فأنْزَل اللهُ عليهم المنَّ، فكان يَسْقُطُ على [الشجرِ الزَّنْجبيلِ] (٥)، والسَّلْوى وهو طيرٌ يُشْبِهُ السُّمانَى، فكان يَأْتى أحدُهم فيَنْظُرُ إلى الطيرِ فإن كان سَمينًا ذبَحه وإلا أرْسَله، فإذا سمِن أتاه. فقالوا: هذا الطعامُ، فأين الشرابُ؟ فأُمِر موسى، فضرَب بعصاه الحجرَ فانْفَجَرت منه اثنتا عشْرةَ عينًا، فشرِب كلُّ سِبْطٍ مِن عينٍ. فقالوا: هذا الطعامُ والشرابُ، فأين الظلُّ؟ فظلَّل عليهم الغَمامَ. فقلوا: هذا الظلُّ، فأين اللِّباسُ؟ فكانت ثيابُهم تَطولُ


(١) سقط من: ص.
(٢) في م: "بالمسير".
(٣) في ص، ونسخة من تاريخ المصنف: "منهم".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أن لا تأس".
(٥) في م، وتاريخ المصنف: "شجر الترنجبين". وينظر ما تقدم في ص ٧٠٢.