للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويعنى بقولِه: ﴿بِتَأْوِيلِهِ﴾: ما يَئولُ إليه ويصيرُ ما رَأيا في منامِهما مِن الطعامِ الذي رَأيا أنه أتاهما فيه.

وقولُه: ﴿ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾. يقولُ: هذا الذي أذكُرُ أني أَعْلَمُه مِن تعبيرِ الرؤيا، مما عَلَّمَنى ربِّي فَعَلِمْتُه، ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾. وجاءَ الخبرُ مبتدأً، أي: تَرَكتُ ملةَ قومٍ، والمعنى: ما قلْتُ (١). وإنما ابْتَدأَ بذلك؛ لأن في الابتداءِ الدليلَ على معناه.

وقولُه: ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾. يقولُ: إنى [بَرِئْتُ مِنْ] (٢) ملةِ مَن لا يُصدِّق الله (٣)، ويُقِرُّ بوحدانيتِه، ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾. يقولُ: وهم مع تَرْكِهم الإيمانَ بوحدانيةِ اللهِ لا يُقِرُّون بالمعادِ والبعثِ، ولا بثوابٍ ولا عقابٍ.

وكُرِّرَت "هم" مرَّتين، فقيل: ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾. لمَّا دَخَل بينَهما قولُه: ﴿بِالْآخِرَةِ﴾. فصارت (هم) الأولى كالملغاةِ، وصار الاعتمادُ على الثانيةِ، كما قيل: ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [النمل: ٣]، وكما قيل: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ﴾ [المؤمنون: ٣٥].

فإن قال قائلٌ: و (٤) ما وَجْهُ هذا الخبرِ ومعناه مِن يوسفَ، وأين جوابُه الفَتَيَين عما سَألاه مِن تعبيرِ رُؤْياهما مِن هذا الكلامِ؟


= ينظر ما أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٤٤ (١١٦٠٨) من طريق سلمة عن محمد بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(١) في م: "ملت".
(٢) في ف: "تركت".
(٣) في م: "بالله".
(٤) سقط من: م.