للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي قيل لهم، بعَث اللهُ عليهم الطاعونَ، فلم يُبْقِ منهم أحدًا. وقرَأ: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾. قال: وبقِى الأبناءُ، ففيهم الفضلُ والعبادةُ التى تُوصَفُ في بنى إسرائيلَ والخيرُ، وهلَك الآباءُ كلُّهم؛ أهلَكَهم الطاعونُ.

حدَّثنى يونُسُ، قال: أخْبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: الرِّجْزُ العذابُ، وكلُّ شيءٍ في القرآنِ رِجْزٌ فهو عذابٌ.

قال أبو جعفَرٍ: وقد دلَّلْنا على أن تأويلَ الرِّجْزِ العذابُ. وعذابُ اللهِ ﷿ أصنافٌ مختلفةٌ، وقد أخْبَر جل ثناؤُه أنه أنْزَل على الذين وصَفْنا أمْرَهم الرِّجْزَ مِن السماءِ، وجائزٌ أن يكونَ ذلك كان طاعونًا، وجائزٌ أن يكونَ ذلك كان غيرَه، ولا دَلالةَ في ظاهرِ القرآنِ ولا في أثرٍ عن الرسولِ صلى الله عليه ثابتٍ أىُّ أصنافِ العذابِ كان ذلك.

فالصوابُ مِن القولِ فيه أن يُقالَ كما قال جل ثناؤُه: [أنزل اللهُ] (١) عليهم رِجْزًا من السماءِ بفسقِهم. غيرَ أنه يَغْلِبُ على نَفْسى (٢) صحةُ ما قاله ابنُ زيدٍ، للخبرِ الذي ذكَرْتُ عن رسولِ اللهِ في إخبارِه عن الطاعونِ أنه رِجْزٌ، وأنه عُذِّب به قومٌ قبلَنا، وإن كنتُ لا أقولُ: إن ذلك كذلك يَقينًا؛ لأن الخبرَ عن رسولِ اللهِ لا بَيانَ فيه أىُّ أمَّةٍ عُذِّبَت بذلك، وقد يجوزُ أن يكونَ الذين عُذِّبوا به كانوا غيرَ الذين وصَف اللهُ صفتَهم في قولِه: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾.


(١) في م: "فأنزلنا".
(٢) في ر، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "النفس".