للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان، عن سليمان (١)، عن أبي الضُّحَى، عن مسروق، أن رجلا سأل عبد الله بن مسعود: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا﴾. قال: هو الذي تكره (٢)، مخففةً.

قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بِشْرٍ، عن سعيد بن جُبَيرٍ أنه قال في هذه الآية ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا﴾. قلت: كذبوا! قال: نعم، ألم (٣) يكونوا بشرًا؟

حدثنا الحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا﴾. قال: كانوا بشرًا، قد ظنُّوا.

وهذا تأويل، وقولُ غيره من أهل التأويل أولى عندى بالصواب، وخلافه من القول أشبه بصفاتِ الأنبياء والرسل، إن جاز أن يرتابوا بوعدِ اللَّهِ إياهم، ويَشكُوا في حقيقة خبره، مع معاينتهم من حجج الله وأدلته ما لا يعانيه المرسل إليهم، فيُعذَروا في ذلك؛ إِنَّ المرسَلَ إليهم لأولى في ذلك منهم بالعذر (٤). وذلك قول إن قاله قائل لا يَخْفَى أمرُه، وقد ذكر هذا التأويل الذي ذكرناه أخيرًا عن ابن عباس لعائشة فأنكرته أشدَّ النُّكرةِ فيما ذُكر لنا.


(١) في ت ١: "سلمان".
(٢) في س: "يكره"، وفى ف: "نكره".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "لم".
(٤) يعنى أنه لا مانع من عروض مثل هذا الظن للكل من الخلق على وجه لا يستقر ولا يستمر عليه ولئن كان هذا الظن يعرض للأنبياء على هذا الوجه الذي لا يستمر، فإن المرسل إليهم لَهُمْ أولى منهم في ذلك عذرا. ينظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ٥/ ١٢٧.