للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد استيقنوا أنهم قد كُذِّبوا. قلت: كُذِبوا؟ قالت: مَعاذَ اللهِ، لم تَكُنِ الرسلُ تظنُّ [ذلك بربِّها] (١)، إنما هم أتباعُ الرسلِ؛ لما استأخَر عنهم الوحيُ واشتدَّ عليهم البلاءُ، ظنَّت الرسلُ أن أتباعَهم قد كَذَّبوهم - ﴿جَاءَهُمْ نَصْرُنَا﴾ (٢).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن مَعْمَرٍ (٣)، عن الزُّهريِّ، عن عُروةَ، عائشةَ، قالت: حتى إذا استيأَس الرسلُ ممن كذَّبهم من قومِهم أن يُصَدِّقوهم، وظنَّت الرسلُ أن مَن قد آمَن من قومِهم قد كَذَّبوهم، جاءهم نصرُ اللهِ عندَ ذلك.

فهذا ما رُوِى في ذلك عن عائشةَ، غيرَ أنها كانت تَقرأُ: (كُذِّبُوا) بالتشديدِ وضمِّ الكافِ، بمعنى ما ذكَرنا عنها، من أن الرسلَ ظنَّت بأتباعِها الذين قد آمنوا بهم، أنهم قد كَذَّبوهم، فارتدُّوا عن دينِهم، استبطاء منهم للنصرِ.

وقد بيَّنا أن الذي نَخْتَارُ من القراءةِ في ذلك والتأويلِ غيرُه في هذا الحرفِ خاصةً (٤).

وقال آخرون ممن قرَأ قوله: (كُذِّبُوا) بضمِّ الكافِ وتشديدِ الذالِ: معنى ذلك: حتى إذا استيأَس الرسلُ من قومهم أن يُؤْمِنوا ويُصَدِّقوهم، وظنَّت


(١) في النسخ: "يوما". والمثبت من مصادر التخريج.
(٢) أخرجه البخاري (٤٦٩٥) من طريق إبراهيم به، وابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢٢١١ (١٢٠٦٠) من طريق الزهرى به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٤٠ إلى أبي عبيد وابن المنذر وأبى الشيخ وابن مردويه.
(٣) بعده في ص، س، ف: "عن قتادة".
(٤) ينظر ما تقدم في ص ٣٩٢.