للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في هذا الموضعِ (١).

ويزيدُ ذلك إيضاحًا قولُ اللَّهِ ﷿: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾ [النجم: ٤٥]. فسَمَّى الاثنين الذكر والأنثى زوجَين.

وإنما عَنَى بقولِه (٢): ﴿زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾. نوعَين وضَربَين.

وقولُه: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾. يقولُ: يجلِّلُ الليلَ النهارَ فيُلْبِسُه ظُلْمتَه، والنهارَ الليلَ بضيائِه.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾. أي: يُلْبِسُ الليل النهارَ (٣).

وقولُه: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن فيما وَصَفتُ وذَكَرتُ من عجائبِ خلقِ اللَّهِ وعظيمِ قدرتِه التي خَلَق بها هذه الأشياءَ - لَدَلالاتٍ وحُجَبًا وعِظاتٍ لقومٍ يتفكَّرون فيها، فيَسْتَدِلُّون ويَعْتَبِرون بها، فيَعْلَمون أن العبادةَ لا تَصْلُحُ ولا تجوزُ إلا لَن خَلَقها ودَبَّرها، دونَ غيرِه مِن الآلهةِ والأصنامِ التي لا تقدِرُ على ضَرٍّ ولا نفعٍ، ولا لشيءٍ غيرها، إلا لمَن أنشأ ذلك فأحْدَثه مِن غيرِ شيءٍ، ، وأن القُدْرةَ التي أبْدَع بها ذلك، هي القدرةُ التي لا يتعذَّرُ عليه إحياءُ مَن هَلَك من خلقِه، وإعادةُ ما فني وابتداعُ ما شاء ابْتِداعَه بها.

والقولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ


(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٥٤٩.
(٢) بعده في النسخ: "من كل". وهى الآية ٤٠ من سورة "هود"، والمثبت هنا هو الصواب.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢٢١٩ (١٢١٠٩) من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٤٣ إلى أبى الشيخ.