للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ (١) [الإسراء:٨٢].

وقولُه: ﴿يُسْقَى (٢) بِمَاءٍ وَاحِدٍ﴾. اختلفت القرأَةُ في قولِه: (تُسْقَى)؛ فقرَأ ذلك عامَّةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ والعراقِ من أهل الكوفةِ والبصرةِ: (تُسْقَى). بالتاءِ (٣)، بمعنى: تُسقَى الجناتُ والزرعُ والنخيلُ. وقد كان بعضُهم يقولُ: إنما قيل: (تُسقى). بالتاءِ لتأنيثِ "الأعناب".

وقرَأ ذلك بعضُ المكيين والكوفيين: ﴿يُسْقَى﴾ بالياءِ (٤).

وقد اختلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ تذكيرِه إذا قُرِئ كذلك، وإنما ذلك خبرٌ عن الجناتِ والأعنابِ والنخيلِ والزرعِ أنها تُسْقَى بماءٍ واحدٍ، فقال بعضُ نَحْويِّى البصرةِ: إذا قُرِئ ذلك بالتاءِ، فذلك على "الأعنابِ"، كما ذَكَّرَ (٥) "الأنعامَ" في قولِه: ﴿مِمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ [النحل: ٦٦]. وأَنَّث بعدُ فقال: ﴿وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ [المؤمنون: ٢٢، غافر: ٨٠]. فمَنْ قال: ﴿يُسْقَى﴾ بالياءِ جعَل. "الأعنابَ" مما يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، مثلَ "الأنعامِ".

وقال بعضُ نحويِّى الكوفةِ (٦): مَنْ قال: (تُسْقَى). ذهَب إلى تأنيثِ الزرعِ والجناتِ والنخيلِ، ومَن ذكر ذهَب إلى النَّبتِ (٧): ذلك كلُّه يُسقَى بماءٍ واحدٍ،


(١) ذكره البغوي في تفسيره ٤/ ٢٩٥ عن الحسنِ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٤٤ إلى المصنف.
(٢) في ص، ت ١، س، ف: "تسقى".
(٣) وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وحمزة والكسائي. السبعة لابن مجاهد ص ٣٥٦.
(٤) وهى قراءة عاصم وابن عامر. ينظر المصدر السابق.
(٥) في النسخ: "ذكروا". موافق للسياق.
(٦) هو الفراء في معاني القرآن ٢/ ٥٩.
(٧) في النسخ: "أن"، والمثبت من معاني القرآن.