للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبَصَلِهَا﴾ (١).

حدَّثنى يونُسُ، قال: أخْبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: أخْبَرنا ابنُ زيدٍ، قال: كان طعامُ بنى إسرائيلَ فى التِّيهِ واحدًا، وشرابُهم واحدًا، كان شرابُهم عسلًا يَنْزِلُ لهم مِن السماءِ، يُقالُ له: المنُّ. وطعامُهم طيرٌ يقالُ له: السَّلوى. يأكلُون الطيرَ، ويشربُون العسلَ، لم يكونوا يعرِفون خبزًا ولا غيرَه، فقالوا: يا موسى، إنَّا لن نَصْبِرَ على طعامٍ واحدٍ، ﴿فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ﴾. فقرَأ حتى بلَغ: ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا﴾.

وإنما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ﴾. ولم يَذْكُرِ الذى سأَلوه أن يَدْعُوَ ربَّه ليُخْرجَه لهم مِن الأرضِ، فيقولوا (٢): ادْعُ لنا ربَّك يُخْرِجْ لنا كذا وكذا مما تُنْبِتُه الأرضُ مِن بقلِها وقِثَّائِها؛ لأن "مِن" تأتى بمعنى التبعيضِ لما بعدَها، فاكتُفِى بها مِن ذِكْرِ المُبَعَّضِ (٣)، إذ كان معلومًا بدخولِها معنى ما أُرِيد بالكلامِ الذى هى فيه، كقولِ القائلِ: أصَبْتُ (٤) اليومَ عندَ فلانٍ مِن الطعامِ. يُرِيدُ: أصبْتُ (٥) شيئًا منه.

وقد قال بعضُهم: "مِن" ههنا بمعنى الإلغاءِ والإسْقاطِ، كأنَّ معنى الكلامِ عندَه: يُخْرِجْ لنا ما تُنْبِتُ الأرضُ من بقلِها. واسْتَشْهَد على ذلك بقولِ العربِ: ما


(١) أخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره ١/ ١٢٢ (٦١٠) عن أبى زرعة، عن عمرو بن حماد به. وينظر تاريخ المصنف ١/ ٤٣١.
(٢) فى م: "فيقول: قالوا".
(٣) فى م: "التبعيض".
(٤) فى م: "أصبح".
(٥) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.