للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيهما، ولا رِيحٌ طَيِّبةٌ إلا قد عَبِقتَا (١) به، يَنْفُذُ ضَوْءُ وجوهِهما غِلَظَ القبةِ، حتى يَظُنُّ مَن يَراهما أنهما مِن دونِ القبةِ، يرَى مُخَّهما مِن فوقِ سُوقِهما كالسلكِ الأبيضِ مِن ياقوتةٍ حمراءَ، يَرَيان له مِن الفضلِ على صَحابتِه كفضلِ الشمسِ على الحجارةِ أو أفضلَ، ويَرى هو لهما مثلَ ذلك، ثم يَدْخُلُ إليهما فيُحيِّيانه ويُقَبِّلانه ويُعانِقانِه، ويَقولانِ له: واللَّهِ ما ظننَّا أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ مثلَك. ثم يَأْمرُ اللَّهُ الملائكةَ فيَسيرون بهم صفًّا في الجنةِ، حتى يَنْتَهىَ كلُّ رجلٍ منهم إلى منزلتِه التي أُعِدَّتْ له (٢).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عليُّ بنُ جريرٍ، عن حمادٍ، قال: شجرةٌ في الجنةِ، في (٣) دارِ كلِّ مؤمنٍ غُصْنٌ منها.

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن حسانِ بن أبى الأشرسِ، عن مُغيثِ بن سُمَىٍّ، قال: طوبى شجرةٌ في الجنةِ، لو أن رجلًا ركِب قلُوصًا؛ جَذَعًا أو جَذَعةً ثم دار بها، لم يَبْلُغِ المكانَ الذي ارتَحَل منه، حتى يَمُوتَ هَرَمًا، وما مِن أهلِ الجنةِ مَنْزلٌ إلا فيه (٤) غصنٌ مِن أغصانِ تلك الشجرةِ، متدلٍّ عليهم، فإذا أرادوا أن يأكُلوا مِن الثمرةِ تَدَلَّى إليهم، فيأكُلون منه ما شاءوا، ويجِيءُ الطيرُ فيأكُلون منه قدِيدًا وشِواءً ما شاءوا، ثم يَطيرُ (٤).

وقد رُوِى عن رسولِ اللَّهِ خبرٌ بنحوِ ما قال مَن قال: هي شجرةٌ.


(١) عبقت الرائحة في الشيء: بقيت. اللسان (ع ب ق).
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٣٧٨ عن المصنف، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٦٠ إلى المصنف وأبى الشيخ. وينظر حادى الأرواح ص ٢٠٢.
(٣) في ت: "في كل"، وفي ت ٢: "قال في".
(٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.