للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذكر (١).

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصواب قولُ مَن قال: وعنده أصل الكتاب وجملته، وذلك أنه تعالى ذكره أخبر أنه يَمْحُو ما يشاءُ ويُثبتُ ما يشاء، ثم عقَّب ذلك بقوله: ﴿وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾. فكان بيِّنًا أن معناه: وعنده أصلُ المثبت منه والمَمْحُو، وجملته في كتاب لديه.

واختلفت القرأة في قراءة قوله: ﴿وَيُثْبِتُ﴾؛ فقرَأ ذلك عامَّةُ قرأةِ أهلِ (٢) المدينة والكوفةِ: (ويُثَبِّتُ) بتشديد الباءِ (٣)، بمعنى: ويَتْرُكُه ويُقرُّه على حالِه، فلا يَمْحُوه. وقرَأه بعضُ المكيين وبعضُ البصريين وبعض الكوفيين: ﴿وَيُثْبِتُ﴾ بالتخفيف (٤)، بمعنى: يَكْتُبُ.

وقد بيَّنَّا قبل أن معنى ذلك عندنَا: إقراره مكتوبًا وترْكُ مَحْوِه، على ما قد بَيَّنَّا، فإذا كان ذلك كذلك، فالتثبيتُ به أولى، والتشديد أصوبُ من التخفيف، وإن كان التخفيفُ قد يَحْتَمِلُ توجيهَه في المعنى إلى التشديد، والتشديد إلى التخفيف، لتقارب معنيَيْهِما.

وأما المحْوُ، فإن للعرب فيه لُغتيْن؛ فأما مُضَرُ فإنها تقولُ: مَحَوتُ الكتاب أمْحُوه مَحْوًا، وبه التنزيل، ومَحَوتُه (٥) أمحاه محوًا. وذُكِر عن بعض قبائلِ ربيعة أنها


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٦٨ إلى المصنف، وينظر تفسير ابن كثير ٤/ ٣٩٢.
(٢) سقط من: م.
(٣) هي قراءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي. السبعة لابن مجاهد ص ٣٥٩، وحجة القراءات ص ٣٧٤، والتيسير ص ١٠٩.
(٤) هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم. المصادر السابقة.
(٥) في ص، ف: "محوت".