للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [المائدة: ٢٤]. فحرَّم اللهُ ﷿ على قائلِى ذلك -فيما ذُكِر لنا- دخولَها حتى هلَكوا في التِّيهِ، وابْتَلاهم بالتَّيَهانِ في الأرضِ أربعين سنةً، ثم أهْبَط ذرِّيّتَهم الشامَ، فأسْكَنَهم الأرضَ المقدَّسةَ، وجعَل هلاكَ الجبَابرةِ على أيديهم مع يُوشَعَ بنِ نُونٍ، بعدَ وفاةِ موسى . قالوا (١): فرَأَيْنا اللهَ جلَّ ثناؤُه قد أخْبَر عنهم أنه كتَب لهم الأرضَ المقدسةَ، ولم يُخْبِرْنا عنهم أنه ردَّهم إلى مصرَ بعدَ إخراجِه إيَّاهم منها، فيَجُوزَ لنا أن نَقْرَأَ: (اهبِطوا مصرَ). ونتَأَوَّلَه أنه ردَّهم إليها.

قالوا: فإن احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بقولِ اللهِ جلَّ ثناؤُه: ﴿فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٥٨) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: ٥٧ - ٥٩].

قيل له (٢): فإن اللهَ جلّ ثناؤُه إنما أوْرَثهم ذلك فملَّكهم إيَّاها، ولم يَرُدَّهم إليها، وجعَل مَساكنَهم الشامَ.

وأما الذين قالوا: إنما عنَى اللهُ تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿اهْبِطُوا﴾. مصرَ، فإن مِن حُجَّتِهم التى احْتَجُّوا بها الآيةَ التى قال فيها: ﴿فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٥٨) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾. وقولَه: ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (٢٧) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾ [الدخان: ٢٥ - ٢٨]. قالوا: فأخْبَر اللهُ تعالى ذكرُه أنه قد ورَّثهم ذلك وجعَلها لهم، فلم يكونوا ليَرِثوها ثم لا يَنْتَفِعوا بها.

قالوا: ولا يَكونون مُنْتَفِعِين بها إلا [بمصيرِهم أو] (٣) بمَصيرِ بعضِهم إليها، وإلا فلا وجهَ للانتفاعِ بها إن لم يَصِيروا، أو يَصِرْ بعضُهم إليها.


(١) سقط من: م.
(٢) في م: "لهم".
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.