للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عصَفت الريحُ عليه في يوم ريح عاصف فنسفته، وذهبت به، فكذلك أعمالُ أهلِ

الكفرِ به يومَ القيامة، لا يجدون منها شيئًا ينفَعُهم عندَ اللهِ، فينجيهم من عذابه؛

لأنهم لم يكونوا يعملونها لله خالصًا، بل كانوا يشركون فيها الأوثان والأصنامَ.

يقولُ اللهُ ﷿: ﴿ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾. يعنى: أعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا، التي يشركون فيها مع الله شركاء، هي أعمالٌ عُمِلت على غيرِ هُدًى واستقامة، بل على جَوْرٍ عن الهدى بعيد، وأخذ على غير استقامة شديد.

وقيل: ﴿فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾. فوصف بالعُصوف اليوم (١)، وهو من صفةِ الريحِ؛ لأن الريح تكون فيه، كما يقال: يومٌ باردٌ، ويوم حارٌّ. لأن البرد والحرارةَ يكونان فيه، وكما قال الشاعرُ (٢):

* يَومَينِ غَيْمَينِ ويومًا شَمْسَا *

فوصَف اليومين بالغيمين، وإنما يكونُ الغَيْمُ فيهما.

وقد يجوز أن يكونَ أُريد به في يوم عاصف الريح، فحذفت الريح؛ لأنها قد ذُكرت قبل ذلك، فيكون ذلك نظيرَ قول الشاعرِ (٣):

* إذا جاء يوم مُظْلِمُ الشمس كاسفُ *

يريدُ: كاسفُ الشمسِ.


(١) سقط من: م.
(٢) البيت في معاني القرآن ٢/ ٧٣، وخزانة الأدب ٥/ ٩٢.
(٣) هو مسكين الدارمي ديوانه ص ٥٣، وهذا عجز بيت صدره:
* وتضحك عرفان الدروع جلودنا *