للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموضع غُدوةٌ وعَشيةٌ، وكلُّ ساعةٍ؛ لأن الله تعالى ذكره ضرَب ما تُؤْتى هذه الشجرةُ كلَّ حينٍ من الأكل لعمل المؤمن وكلامه مثلا، ولا شكّ أن المؤمنَ يرتفعُ له إلى اللَّهِ في كلِّ يومٍ صالحٌ من العمل والقولِ، لا في كل سنة، أو في كل ستة أشهرٍ، أو في كل شهرين. فإذ كان ذلك كذلك؛ فلا شك أن المثَل لا يكونُ خِلافًا للمُمَثَّل به في المعنى، وإذا كان ذلك كذلك؛ كان بيِّنًا صحةُ ما قلنا.

فإن قال قائلٌ: فأيُّ نخلةٍ تُؤتى في كلِّ وقتِ أُكُلًا صيفًا وشتاءً؟

قيل: أما في الشتاء فإن الطَّلْعَ من أُكُلِها، وأما في الصيف فالبلحُ والبسْرُ والرُّطَب والتمرُ، وذلك كله من أكُلها.

وقوله: ﴿تُوتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾. فإنه كما حدثنا به محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بإِذْنِ رَبِّهَا﴾. قال: يُؤكَلُ ثمرُها في الشتاء والصيف (١).

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادةَ: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾. قال: هي تُؤكَلُ شتاءً وصيفًا.

حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنسٍ: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾: يصعَدُ عمله، يعني: عمل المؤمنِ، أوّلَ النهار وآخره (٢).


(١) أخرجه ابن حزم في المحلى ٨/ ٤٢٩، من طريق محمد بن ثور به، وعبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٤٢ معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٧٧ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) ذكره البغوي في تفسيره ٤/ ٣٤٧ مطولًا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٧٥، ٧٦، إلى المصنف وابن أبي حاتم.