للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَصْنَامَ﴾. يقالُ منه: جنَبْتُه الشرَّ، فأنا أَجْنُبُه جَنْبًا، وجنَّبْتُه الشرَّ، فأنا أُجَنِّبُه تَجْنيبًا، وأجْنَبتُه ذلك، فأنا أُجْنِبُه إجنابًا، ومِن "جنَبْتُ" قولُ الشاعرِ (١):

وتنفضُ مهدَه شفَقًا عليه … وتَجْنُبُه قلائصَنا الصِّعابَا

ومعنى ذلك: أبْعِدْنى وبَنيَّ من عبادةِ الأصنامِ. والأصنامُ جمعُ صنمٍ، والصنمُ هو التمثالُ المصوَّرُ، كما قال رُؤْبةُ بنُ العَجَّاجِ في صفةِ امرأةٍ (٢):

وَهْنانةٌ كالزُّونِ (٣) يُجْلَى صَنَمُهْ … تَضْحَكُ عن أَشْنَبَ عَذْبٍ مَلْثَمُهْ

وكذلك كان مجاهدٌ يقولُ.

حدَّثني المثنَّى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾. قال: فاسْتَجاب اللهُ لإبراهيمَ دعوتَه في ولدِه، قال: فلم يَعْبُدْ أحدٌ مِن ولدِه صنمًا بعدَ دعوتِه - والصنمُ: التمثالُ المُصَوَّرُ، ما لم يَكُنْ صنمًا (٤) فهو وَثَنٌ - قال: واسْتجاب اللهُ له، وجعَل هذا البلدَ آمنًا، ورزَق أهلَه مِن الثمراتِ، وجعَله إمامًا، وجعَل من ذريتِه مَن يُقِيمُ الصلاةَ، وتقبَّل دعاءَه، فأراه مناسِكَه، وتاب عليه (٥).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن مغيرةَ، قال: كان إبراهيمُ التيميُّ


(١) البيت في مجاز القرآن ١/ ٣٤٢ بدون نسبة.
(٢) ديوانه ص ١٥٠.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "كالزور". والزُّون: الصنم، وكل ما يعبد من دون الله، وهو موضع تجمع فيه الأنصاب. ينظر اللسان (ز و ن).
(٤) كذا في النسخ، ولعل الصواب: "مصوَّرا"، فقد جاء في لسان العرب (ص ن م): الصنم ما كان له جسم أو صورة، فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن.
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٨٦ إلى المصنف.