للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، وشذوذ ما خالفه.

وقولُه: ﴿قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: قال إبراهيم للضيف: ومَن يأيسُ (١) من رحمةِ اللَّهِ إلا القومُ الذين قد أخطئوا سبيل الصواب، وتركوا قَصْدَ السبيل في تركهم رجاءَ اللهِ، ولا يَخِيبُ مَن رَجاه، فضَلُّوا بذلك عن دينِ اللَّهِ.

واختلفت القرأة في قراءة قوله: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ﴾؛ فقرأ ذلك عامة قرأة المدينة والكوفة: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ﴾. بفتح النون، إلا الأعمش والكسائيَّ، فإنهما كسرا النونَ مِن: (يَقْنِطُ) (٢).

فأما الذين فتحوا النونَ منه ممن ذكرنا، فإنهم قرءوا: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾ [الشورى: ٢٨]. بفَتْحِ القافِ والنون. وأما الأعمش فكان يَقْرَأُ ذلك: (من بعدِ ما قنطوا)، بكسر النون. وكان الكسائيُّ يَقْرؤُه بفتح النون. وكان أبو عمرو بنُ العلاء يَقْرَأُ الحرفىن جميعًا على النحو الذي ذكرنا من قراءة الكسائيِّ.

وأولى القراءاتِ في ذلك بالصواب قراءةُ من قرأه: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾. بفتح النون، (وَمَن يَقْنِطُ). بكسر النون، لإجماع الحجة من القرأة على فتحها في قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾. فكسْرُها (٣) في: (وَمَنْ يَقْنِطُ). أولى، إذ كان مجمعًا على فتحها في "قنط"؛ لأن "فَعَل" إذا كانت عينُ الفعل منها مفتوحةً، ولم تكن من الحروف الستة التي هي حروفُ الحلق، فإنها تكونُ في "يفعل" مكسورةً أو


(١) في م: "ييأس".
(٢) وبفتح النون قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وحمزة، وبكسر النون قرأ أيضًا أبو عمرو. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٣٦٧، والبحر المحيط ٥/ ٤٥٩.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "بكسرها".