للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويعنى بقولِه: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ﴾. الميثاقَ الذى أخْبَر اللهُ تعالى ذكرُه أنه أخَذ منهم في قولِه: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [البقرة: ٨٣ - ٨٥]. الآيات التى ذكَر معها.

وكان سببَ أخذِ الميثاقِ عليهم فيما ذكَر ابنُ زيدٍ ما حدَّثنى يونُسُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: أخْبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: لما رجَع موسى مِن عندِ ربِّه بالألواحِ قال لقومِه بنى إسرائيلَ: إن هذه الألواحَ فيها كتابُ اللهِ، وأمْرُه الذى أمَرَكم به، ونَهْيُه الذى نهاكم عنه. فقالوا: ومَن يَأْخُذُه بقولِك أنت؟ لا واللهِ حتى نَرَى اللهَ جَهْرةً، حتى يَطلُعَ اللهُ إلينا (١) فيقولَ: هذا كتابى فخُذُوه. فما لَه لا يُكَلِّمُنا كما كلَّمَك أنت يا موسى! فيقولُ: هذا كتابى فخُذُوه. قال: فجاءت غَضْبةٌ مِن اللهِ، فجاءَتهم صاعقةٌ فصَعَقَتْهم، فماتوا أجْمَعون. قال: ثم أحْياهم اللهُ مِن بعدِ موتِهم، فقال لهم موسى: خُذُوا كتابَ اللهِ. فقالوا: لا. قال: أىُّ شيءٍ أصابكم؟ قالوا: مِتْنا ثم حَيِينا. قال: خذُوا كتابَ اللهِ. قالوا: لا. فبعَث اللهُ ملائكةً، فنتَقَت الجبلَ فوقَهم. [وقرَأ: ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ﴾ [النساء: ١٥٤]. قال: فرُفِع فوقَهم] (٢). فقيل لهم: أتَعْرِفون هذا؟ قالوا: نعم، هذا الطُّورُ. قال: خُذُوا الكتابَ، وإلا طرَحْناه عليكم. قال: فأخَذوه بالميثاقِ. وقرَأ قولَ اللهِ تعالى ذكرُه: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾. حتى بلَغ: ﴿وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾. قال: ولو كانوا أخَذُوه أولَ مرةٍ لأخَذوه بغيرِ مِيثاقٍ (٣).


(١) في م: "علينا".
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) تقدم هذا الأثر في ١/ ٦٩٦.