للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾. قال: بالقرآنِ الذي يُوحَى إليه أن يُبَلِّغَهم إياه (١).

وقال تعالى ذكرُه: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾. ولم يَقُلْ: بما تُؤمَرُ به. والأمرُ يَقْتَضى الباءَ؛ لأن معنى الكلامِ: فاصْدَعْ بأمرِنا، فقد أمَرناك أَن تَدْعُوَ إلى ما (٢) بَعَثناك به مِن الدينِ خَلْقِي، وأذِنَّا لك في إظهارِه.

ومعنى "ما" التي في قولِه: ﴿بِمَا تُؤْمَرُ﴾ معنى المصدرِ، كما قال تعالى ذكرُه: ﴿يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ [الصافات: ١٠٢]. معناه: افْعَلِ الأمرَ الذي تُؤْمَرُ به.

وكان بعضُ نحويِّي أهلِ الكوفةِ يقولُ في ذلك: حُذِفت الباءُ التي يُوصَلُ بها ﴿تُؤْمَرُ﴾ من قولِه: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾. على لغةِ الذين يَقُولون: أَمَرْتُك أمرًا. وكان يقولُ: للعربِ في ذلك لغتان؛ إحداهما: أمرتُك أمرًا. والأُخرى: أمرتُك بأمرٍ. فكان يقولُ: إدخالُ (٣) الباءِ في ذلك وإسقاطُها سواءٌ. واستَشْهَد لقولِه (٤) ذلك بقولِ حُضَيْنِ (٥) بن المنذرِ الرَّقاشيِّ ليزيدَ بن المهلبِ (٦):

أمَرتُك أمرًا حازمًا (٧) فَعَصَيْتَني … فأصبَحتَ مَسْلوبَ الإمارةِ نادمًا

فقال: أمَرتُك أمرًا. ولم يَقُلْ: أمَرتُك بأمرٍ. وذلك كما قال تعالى ذكرُه:


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٠٦ إلى المصنف.
(٢) سقط من: ص، ت ٢.
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "بقوله".
(٥) في النسخ: "حصين"، والمثبت من مصادر البيت، وينظر الإكمال ٢/ ٤٨١.
(٦) تاريخ الطبري ٦/ ٣٩٦، والكامل ٤/ ٥٠٤.
(٧) في م: "جازما".