للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان في قولِه تعالى ذكرُه: ﴿لِتَرْكَبُوهَا﴾. دِلالةٌ على أنها لا تَصْلُحُ - إذ كانت للركوبِ - للأكلِ، لكان في قولِه: ﴿فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾. دلالةٌ على أنها لا تَصْلُحُ - إذ كانت [للأكلِ والدِّفْءِ - للركوبِ، وفي إجماعِ الجميعِ على أن ركوبَ (١) ما قال تعالى ذكرُه: ﴿وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾. جائزٌ حلالٌ غيرُ حرامٍ، دليل] (٢) واضحٌ على أن أكلَ ما قال: ﴿لِتَرْكَبُوهَا﴾. جائزٌ حلالٌ غيرُ حرامٍ، إلا بما نَصَّ على تحريمِه، أو وضَع على تحريمِه دلالةً؛ مِن كتابٍ، أو وحيٍ إلى رسولهِ . فأما بهذه الآيةِ، فلا يُحَرَّمُ أَكلُ شيءٍ. وقد وضَع الدَّلالةَ على تحريمِ لُحومِ الحُمُرِ الأهليةِ بوحيِه إلى رسولِه، وعلى البغالِ بما قد بيَّنا في كتابِنا، كتابِ الأطعمةِ، بما أغْنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ، إذ لم يَكُنْ هذا الموضعُ من مواضعِ البيانِ عن تحريمِ ذلك، وإنما ذكَرنا ما ذكَرنا، ليَدُلَّ على ألَّا وجهَ لقولِ (٣) مَن اسْتَدَلَّ بهذه الآيةِ على تحريمِ لُحومِ (٤) الفرسِ.

حدَّثنا أحمدُ، قال: ثنا أبو أحمدَ، قال: ثنا إسرائيلُ، عن عبدِ الكريمِ، عن عطاءٍ، عن جابرٍ، قال: كنا نأكُلُ لحمَ الخيلِ على عهدِ رسولِ اللهِ قلت: فالبغالُ؟ قال: أما البغالُ فلا (٥).

وقولُه: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ويَخْلُق ربُّكم مع خلقِه هذه الأشياءَ التي ذكَرها لكم، ما لا تَعْلَمون، مما أعَدَّ في الجنةِ لأهلِها، وفي


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "يكون".
(٢) سقط من: ت ٢.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "بقول".
(٤) في م: "لحم".
(٥) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٨٧٣٣)، وابن أبي شيبة ٨/ ٧١، والنسائى (٤٣٤٢، ٤٣٤٥)، وابن ماجه (٣١٩٧) من طريق عبد الكريم به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١١٢ إلى ابن مردويه.