للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبَنى لُبَيْنَى لَسْتُمُ بيدٍ … إلا يدٍ ليْسَت لها عَضُدُ

ويقولُ: لو كانت "إلا" بغيرِ مَعْنَى "غَيْر" (١) "؛ لَفَسَد الكلامُ؛ لأن الذي خفَض الباءُ قبلَ "إلا" لا يَقْدِرُ على إعادتِه بعدَ "إلا" لخفضِ اليدِ الثانيةِ (٢)، ولكنْ مَعْنَى "إِلَّا" معنَى "غير" ويَسْتَشْهدُ أيضًا بقولِ اللَّهِ ﷿: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ﴾ [الأنبياء:٢٢]،: "إلا" بمعنَى "غَيْر" في هذا الموضعِ.

وكان غيره يقولُ: إنما هذا على كلامين؛ يُريدُ: وما أَرْسَلْنا من قبلِك إلا رجالًا، أرْسَلْنا بالبيناتِ والزُّبُرِ. قال: وكذلك قولُ القائلِ: ما ضرَب إلا أخوك زيدًا. معناه: ما ضرَب إلا أخوك. ثم يَبْتَدِئُ: ضرَب زيدًا. وكذلك ما مَرَّ إلا أخوك بزيدٍ. ما مرَّ إلا أخوك. ثم يقولُ: مرَّ يزيدٍ. ويَسْتَشْهدُ على ذلك ببيتِ الأعْشَى (٣):

وليس مُجِيرًا إِن أَتَى الحيَّ خائفٌ … ولا قائلًا (٤) إلا هو المُتَعَيَّبَا

ويقولُ: لو كان ذلك على كلمةٍ لكان خطأً؛ لأن المُتَعَيَّبَا من صلةِ القائلِ (٥)، ولكن جاز ذلك على كلامين (٦). وكذلك قولُ الآخرِ (٧):

نُبِّئْتُهم عذَّبوا بالنارِ جارَهم … وهل يُعَذِّبُ إِلا اللَّهُ بالنارِ

فتأويلُ الكلامِ إذن: وما أرْسَلنا من قبلِك إلا رجالًا نُوحِي إليهم، أرْسَلْناهم بالبيناتِ والزُّبُرِ، وأنْزَلْنا إليك الذكرَ. والبيناتُ هي الأدلةُ والحُجَجُ


(١) يعنى باليد الثانية: "يد" التي جاءت بعد قوله: "إلا" التي بمعنى غير أول الشطر الثاني للبيت.
(٢) سقط من: م.
(٣) ديوانه ص ١١٣، وينظر معاني القرآن ٢/ ١٠١.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "قائل".
(٥) يعنى بـ: "القائل" لفظة" قائلا" في البيت.
(٦) يعني: لا قائلًا إلا هو. قائلًا - أو قال -: المتعيبا.
(٧) معاني القرآن ٢/ ١٠١، وشرح التصريح ١/ ٢٨٤. وعند الأول" جارتهم" بدل "جارهم".