للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سجودُ الظِّلالِ؛ ظلالِ (١) كلِّ شيءٍ؛ ما في السماواتِ وما في الأرضِ مِن دَابَّةٍ (٢)؛ سجودُ ظِلالِ الدَّوابِّ، وظلالِ كلِّ شيءٍ (٣).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قولَه: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ﴾. ما خلَق مِن (٤) شيءٍ، عن يمينِه وشَمائلِه (٥) - فلفظُ ﴿مَا﴾: لفظٌ عن اليمينِ والشَّمائلِ - قال: ألم تَرَ أنك إذا صلَّيْتَ الفجرَ، كان ما بيَن مَطْلِع الشمسِ إلى مَغْرِبها ظلًّا، ثم بَعث اللهُ عليه الشمسَ دليلًا (٦)، وقبَض اللهُ الظلَّ (٧).

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ أن يقالَ: إن اللَّهَ أَخْبَر في هذه الآيةِ، أن ظلالَ الأشياءِ هي التي تَسْجُدُ. وسجودُها مَيَلانُها ودَوَرانُها مِن جانبٍ إلى جانبٍ، وناحيةٍ إلى ناحيةٍ، كما قال ابن عباسٍ. يقالُ ذلك: سجَدَت النخلةُ. إذا مالت. وسجَد البعيرُ. وأسْجَدَ إِذا مَيَّل (٨) للركوبِ. وقد بيَّنا معنى السجودِ في غيرِ هذا الموضعِ بما أغْنَى عن إعادتِه.

وقولُه: ﴿وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾. يعنى: وهم صاغرون. يقال منه: دخَر فلانٌ للهِ


(١) في ت ١، ت ٢: " إلى ظل".
(٢) بعده في م: "قال".
(٣) ذكره السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٢٠ بلفظ: "فئُ كل شيءٍ ظلّه، وسجود كل شيء فيه سجود الخيال فيها، وعزاه إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) بعده في م: "كل".
(٥) في ت ٢: "شماله".
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "قليلا".
(٧) ذكره أبو حيان في البحر المحيط ٥/ ٤٩٧ عن ابن عباس من قوله: إذا صليت ....
(٨) في م: "أميل". وأسْجَدَ البعيرُ: إذا طأطأ رأسه وانحنى ليُركب. كتاب الأفعال للسرقسطى ٣/ ٥٠٤، وتاج العروس (س ج د).