للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَوْمِ﴾ فَيَغِيبُ عن أبصارِهم، ﴿مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ﴾ يعنى: مِن مَساءتِه إياه، مُمَيِّلًا (١) بين أن يُمْسِكَه ﴿عَلَى هُونٍ﴾ أي: على هَوانٍ. وكذلك ذلك في لُغةِ قريشٍ، فيما ذُكِر لى، يقولون للهَوانِ: الهُونَ. ومنه قولُ الُحطَيْئةِ (٢):

فلمَّا خَشِيتُ الهُونَ والعَيْرُ (٣) مُمْسِكٌ … على رَغْمِه ما أَثْبَتَ الحَبْلَ حافِرُهْ (٤)

وبعضُ بنى تَمِيمٍ جعَل الهُونَ مصدرًا للشيءِ الهَيِّنِ؛ ذكَر الكِسائيُّ أنه سمِعهم يقولون: إن كنتَ لَقليلَ هَوْنِ المُؤنةِ منذُ اليومِ. قال: وسمِعْتُ الهَوانَ في مثلِ هذا المعنى، سمِعْتُ منهم قائلًا يقولُ لبعيرٍ له: ما به بأسٌ غيرُ هَوانِه. يعني: خفيفَ الثمنِ. فإذا قالوا: هو يَمْشِى على هَوْنِه. لم يقولوه إلا بفتح الهاءِ، كما قال: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ (٥) [الفرقان: ٦٣].

﴿أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ﴾. يقولُ: يَدْفِنُه حيَّا في الترابِ، فيَئِدُه، كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جريجٍ: ﴿أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ﴾. يقولُ (٦): يَئِدُ ابنتَه (٧).

وقولُه: ﴿أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾. يقولُ: ألا ساء الحكمُ الذي يَحْكُمُ هؤلاء المشركون، وذلك أن جعَلوا للهِ ما لا يَرْضَوْن لأنفسِهم، وجعَلوا لما لا يَنْفَعُهم ولا يَضُرُّهم شِرْكًا فيما رزَقَهم اللهُ، وعبَدوا غيرَ مَن خَلَقَهم، وأَنْعَم عليهم.


(١) في ت ١، ت ٢، ف "ممتلا". وبدون نقط في ص، ومميِّلا: متردِّدًا. ينظر الوسيط (م ى ل).
(٢) ديوانه ص ١٨٣.
(٣) العير: الحمار. تاج العروس (ع ى ر).
(٤) في ت ١ ت ٢: "حاجره"، وفى ف: "حاحره".
(٥) ينظر معاني القرآن ٢/ ١٠٦، ١٠٧.
(٦) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ف.
(٧) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٢١ إلى المصنف وابن المنذر.