للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنى محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مُجاهِدٍ في قولِه: ﴿الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾. قال: لم يُمْسَخوا، إنما هو مَثَلٌ ضرَبه اللهُ لهم، مِثْلَ ما ضرَب مَثَلَ الحمارِ يَحْمِلُ أسْفارًا (١).

حدَّثنى المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾. قال: مُسِخَت قلوبُهم، ولم يُمْسَخوا قِرَدةً، وإنما هو مَثَلٌ ضرَبه اللهُ لهم، كمثلِ الحمارِ يَحْمِلُ أسْفارًا (٢).

وهذا القولُ الذى قاله مُجاهِدٌ قولٌ لظاهرِ ما دل عليه كتابُ اللهِ مُخالِفٌ، وذلك أن اللهَ أخْبَر في كتابِه أنه جعَل منهم القِرَدةَ والخنَازيرَ وعَبَدَ الطاغوتَ، كما أخْبَر عنهم أنهم قالوا لنبيِّهم: ﴿أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: ١٥٣]. وأن اللهَ تعالى ذكرُه أصْعَقَهم عندَ مَسألتِهم ذلك ربَّهم، وأنهم عبَدوا العِجْلَ، فجعَل توبتَهم قتلَ أنفسِهم، وأنهم أُمِروا بدُخولِ الأرضِ المقدسةِ، فقالوا لنبيِّهم: ﴿اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [المائدة: ١٢٤]. فابْتَلاهم بالتِّيهِ، فسواءٌ [قال قائلٌ] (٣): هم لم يَمْسَخْهم قردةً. وقد أخْبَر جلَّ ذكرُه أنه جعَل منهم قِردةً وخنازيرَ - وآخرُ قال: لم يَكُنْ شيءٌ مما أخْبَر اللهُ عن بنى إسرائيلَ أنه كان منهم؛ مِن الخلافِ


= يوم السبت. وذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ١٥٢، ١٥٣ عن السدى بتمامه.
(١) تفسير مجاهد ص ٢٠٥ بنحوه.
(٢) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٣٣ (٦٧٢) عن أبيه، عن أبى حذيفة به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٧٥ إلى ابن المنذر، وانظر التاريخ الكبير لابن أبى خيثمة (١٨٤).
(٣) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "قال قائلهم".