للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنو امرأةِ الرجل ليسوا منه وقال (١): الحفدَةُ الرجلُ (٢) يعمَلُ بينَ يديِ الرجلِ، يقولُ (٣): فلانٌ يحفِدُ لنا. ويزعُمُ رجالٌ أن الحفَدةَ أَخْتانُ الرجلِ (٤).

والصوابُ من القولِ في ذلك عندى أن يقالَ: إن الله تعالى ذكرُه أخبَر عبادَه مُعرَّفَهم نِعمَه عليهم فيما جعَل لهم من الأزواجِ والبنين، فقال تعالى ذكرُه: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾، فأعلَمهم أنه جعَل لهم من أزواجِهم بنيَن وحفدةً، والحفَدةُ في كلامِ العربِ جمعُ حافدٍ، كما الكَذَبَةُ جمعُ كاذبٍ، والفَسَقةُ جمعُ فاسقٍ. والحافدُ في كلامِهم (٥) هو المتخفِّفُ في الخدمةِ والعملِ. والحَفْدُ خفةُ الرجلِ (٦) العملَ. يقالُ: مرَّ البعيرُ يَحفِدُ حَفَدَانًا. إذا مرَّ يُسرِعُ في سَيْرِه، ومنه قولُهم: إليك نسعى ونحفِدُ (٧). أي: نُسرِعُ إلى العملِ بطاعتِك. يقالُ منه: حَفَد له يَحفِدُ حَفْدًا وحُفودًا وحَفَدَانًا. ومنه قول الراعى (٨):

كَلَّفْتُ مَجْهُولَهَا نُوقًا يَمَانِيَةً … إذا الحُدَاةُ على أَكْسَائِها (٩) حَفَدُوا

وإذ كان معني الحفَدةِ ما ذكرنا، من أنهم المسرِعون في خدمةِ الرجلِ،


(١) في م: "يقال".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "للرجل".
(٣) في تفسير ابن كثير: يقال".
(٤) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٥٠٦ عن العوفي، عن ابن عباس، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٢٤ إلى المصنف وابن أبي حاتم مقتصرا على قوله: بنو امرأة الرجل ليسوا منه.
(٥) في ت ١: "كلام العرب".
(٦) سقط من: م.
(٧) ينظر ما أخرجه عبد الرزاق (٤٩٦٨، ٤٩٦٩، ٤٩٧٠، ٤٩٧٨، ٤٩٨٢، ٤٩٨٩، ٤٩٩٧)، وابن أبي شيبة، ٢/ ٣٠١، وابن سعد ٦/ ٢٤١، وأبو داود في المراسيل (٨٨)، وابن خزيمة ٢/ ١٥٥، والطحاوى في شرح معاني الآثار ١/ ٢٤٩، والبيهقى ٢/ ٢١١.
(٨) ديوانه ص ٨٤.
(٩) في ص: "أكسابها". والأكساء جمع كُسْى، وهو مؤخر العجز. وقيل: مؤخر كل شيء. اللسان (ك س ى).