للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾. قال: هذه الأوثانُ التي تُعبَدُ من دونِ اللهِ، لا تملكُ لمن يعبدُها رزقًا، ولا ضرًّا ولا نفعًا، ولا حياةً ولا نشورًا. وقولَه: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ﴾. فإنه أَحَدٌ صَمَدٌ، لم يَلِدْ، ولم يُولَدْ، ولم يكن له كُفُوًا أحدٌ، ﴿إِنَّ (١) اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (٢).

[وقولُه: ﴿[إِنَّ اللَّهَ] (٣) يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾] (٤). يقولُ: واللَّهُ أيها الناسُ يعلمُ خطأَ ما تمثِّلون وتضرِبون من الأمثالِ، وصوابَه، وغيرَ ذلك من سائرِ الأشياءِ، وأنتم لا تعلَمون صوابَ ذلك من خطئِه.

واختلَف أهلُ العربيةِ في الناصِبِ قولَه: ﴿شَيْئًا﴾؛ فقال بعضُ البصريين: هو منصوبٌ على البدلِ من "الرزقِ"، وهو في معنى: لا يملِكون رزقًا قليلًا ولا كثيرًا.

وقال بعضُ الكوفيين (٥): نصَب ﴿شَيْئًا﴾ بوقوعِ "الرزق" عليه، كما قال تعالى ذكرُه: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥، ٢٦]. أي: تَكْفِتُ (٦) الأحياءَ والأمواتَ. ومثلُه قولُه تعالى ذكرُه: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ (٧) فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ [البلد: ١٤ - ١٦]. قال: ولو كان الرزقُ مع الشيءِ لجاز خفضُه: لا يملكُ لهم (٨) رزقَ شيءٍ من السماواتِ.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "و".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٢٥ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) في ص، ت ١، ت:٢ "والله". والمثبت صواب التلاوة.
(٤) سقط من: م، ف.
(٥) هو الفراء في معاني القرآن ٢/ ١١٠.
(٦) كفت: ضم وقبض. اللسان (ك ف ت).
(٧) في ص، ت ١، ت ٢: "أطعم". وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي، والقراءة الأخرى قراءة ابن عامر ونافع وعاصم وحمزة. السبعة لابن مجاهد ص ٦٨٦.
(٨) في م: "لكم".