للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾. يقولُ: بعد تشديدِها وتغليظِها (١).

حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: هؤلاء قومٌ كانوا حُلفاءَ لقومٍ (٢) تَحالَفوا، وأعْطَى بعضُهم العهدَ، فجاءهم قومٌ فقالوا: نحن أكثرُ وأعزُّ وأَمْنعُ، فانْقُضوا عهدَ هؤلاء وارْجِعوا إلينا، ففعَلوا، فذلك قولُ اللهِ تعالى: ﴿وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا﴾ - ﴿أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ﴾ [النحل: ٩٢]. هى أربَى: أكثرُ، مِن أجلِ أن كان هؤلاء أكثرَ مِن أولئك، نقَضْتُم العهدَ فيما بينَكم وبينَ هؤلاء، فكان هذا في هذا.

حدَّثنى ابنُ البَرْقىِّ، قال: ثنا ابنُ أبي مريمَ، قال: أخبَرَنا نافعُ بنُ يزيدَ، قال: سألْتُ يحيى بنَ سعيدٍ، عن قولِ اللهِ تعالى ذكرُه: ﴿وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾. قال: العهودَ.

والصوابُ مِن القولِ فى ذلك أن يقالَ: إن اللهَ تعالى ذكْرُه أمَر في هذه الآيةِ عبادَه بالوفاءِ بعهودِه، التى يَجْعَلونها على أنفسِهم، ونهاهم عن نقضِ الأيمانِ بعدَ توكيدِها على أنفسِهم لآخرين، بعقودٍ تكونُ بينَهم بحقٍّ، مما لا يَكْرَهُه اللهُ.

وجائزٌ أن تكونَ نزَلَت فى الذين بايَعوا (٣) رسولَ اللهِ بنهيِهم عن نقضِ بَيْعتِهم؛ حذرًا مِن قلةِ عددِ المسلمين، وكثرةِ عددِ المشركين، وأن تكونَ نزَلَت في الذين أرادوا الانتقالَ بحِلْفِهم عن حلفائِهم؛ لقلةِ عددِهم، في آخرين لكثرةِ عددِهم.


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ١٢٩ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) بعده في ص: "قد".
(٣) في ت ٢: "تابعوا".