للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العهودِ، ومُمثِّلًا ناقضَ ذلك بناقضةِ غَزْلِها مِن بعدِ إبرامِه، وناكِثتِه مِن بعدِ إحكامِه -: ﴿وَلَا تَكُونُوا﴾ أيُّها الناسُ في نقضِكم أيمانَكَم بعدَ توكيدِها، وإِعطائِكم اللهَ بالوفاءِ بذلك العهودَ والمواثيقَ، ﴿كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ﴾، يعنى: مِن بعدِ إبرامٍ.

وكان بعضُ أهلِ العربيةِ يقولُ: القوةُ ما غُزِل على طاقةٍ واحدةٍ ولم يُثَنَّ.

وقيل: إن التي كانت تَفْعَلُ ذلك امرأةٌ حمقاءُ معروفةٌ بمكةَ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ، قال: أخبرنى عبدُ اللهِ بنُ كثيرٍ: ﴿كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ﴾، قال: خَرْقاءُ كانت بمكةَ، تَنْقُضُه بعد ما تُبْرِمُه (١).

حدَّثنا المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الله بن الزبيرِ، عن ابنِ عُيَيْنَةَ، عن صَدَقةَ، عن السدىِّ: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ﴾. قال: هي خَرْقاءُ بمكةَ، كانت إذا أبْرَمَت غزلَها نقَضَته (٢).

وقال آخرون: إنما هذا مثلٌ ضرَبه اللهُ لمن نقَض العهدَ، فشبَّهه بامرأةٍ تَفْعَلُ هذا الفعلَ، وقالوا: فى معنى: ﴿نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ﴾، نحوًا مما قلنا.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ. قولَه: ﴿وَلَا تَكُونُوا


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ١٢٩ إلى المصنف.
(٢) عزاه السيوطى في الدر المنثور ٤/ ١٢٩ إلى المصنف وابن أبي حاتم. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره - كما في تغليق التعليق ٤/ ٢٣٧ - عن سفيان بن عيينة به.