للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أن يحمِلَهم على ذنبٍ لا يُغْفَرُ (١).

وقال آخرون: هو الاستعاذةُ، فإنه إذا استعاذ باللهِ مُنِع منه، ولم يُسَلَّطْ عليه. واستشهَدوا لصحةِ قولهم ذلك بقولِ اللهِ تعالى ذكْرُه: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأعراف: ٢٠٠]. وقد ذكَرنا الروايةَ بذلك في سورةِ "الحِجْرِ" (٢).

وقال آخرون في ذلك، بما حدَّثني به المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الله بنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ في قولِه: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ إلى قولِه: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾. قال: إن عدوَّ اللهِ إبليسَ قال: ﴿لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص: ٨٢، ٨٣] فهؤلاء الذين لم يُجعَلْ للشيطانِ عليهم سبيلٌ، وإنما سلطانُه على قومٍ اتخذوه وليًّا، وأشرَكوه في أعمالِهم (٣).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾. يقولُ: السلطانُ على من تولَّى الشيطانَ وعمِل بمعصيةِ اللهِ (٣).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ﴾. يقولُ: الذين يُطيعونه ويعبُدونه.

وأولى الأقوالِ فى ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: معناه: إنه ليس له سلطانٌ على


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب التوكل (٢٥) من طريق زافر بن سليمان به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٣٠ إلى المصنف وابن أبي حاتم.
(٢) تقدم في ص ٧١، ٧٢.
(٣) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ١٣٠ إلى المصنف وابن أبي حاتم.