للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾، وكذَّب جميعَ المشركين بافترائِهم على اللهِ، وأخبَر أنهم أحقُّ بهذه الصفةِ من رسولِ اللهِ ، فقال: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾. ولو كان الذين عُنُوا بهذه الآيةِ هم الذين كفَروا باللهِ من بعدِ إيمانِهم، وجَب أن يكونَ القائلون لرسولِ اللهِ : إنما أنت مُفترٍ. حينَ بدَّل (١) اللهُ آيةً مكانَ آيةٍ، كانوا هم الذين كفروا باللهِ بعد الإيمانِ خاصةً، دونَ غيرِهم من سائرِ المشركين؛ لأن هذه في سياقِ الخبرِ عنهم، وذلك قولٌ إن قاله قائلٌ، فبيِّنٌ فسادُه، مع خروجِه عن (٢) تأويلِ جميعِ أهلِ العلمِ بالتأويلِ.

والصوابُ من القولِ فى ذلك عندى: أن الرافعَ (٣) لـ "مَن" الأولى والثانيةِ، قولُه: ﴿فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ﴾، والعربُ تفْعَلُ ذلك في حروفِ الجزاءِ، إذا اسْتَأْنَفَتْ أحدَهما على الآخرِ.

وذُكِر أن هذه الآيةَ نزَلت في عمارِ بنِ ياسرٍ، وقومٍ كانوا أسلَموا، ففَتَنَهم المشركون عن دينِهم، فثبت على الإسلامِ بعضُهم، وافْتَتَنَ بعضٌ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ إلى آخرِ الآيةِ، وذلك أن المشركين أصابوا عمارَ بنَ ياسرٍ


(١) فى ت ١، ت ٢، ف: "نزل".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٣) في ت ١، ت ٢، ف: "الرفع".