للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المغيرةِ عمن حدَّثه، أنه كان يقولُ: إنها المدينةُ (١).

وقولُه: ﴿فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ﴾. يقولُ: فكفَر أهلُ هذه القريةِ بأنْعُمِ اللهِ التي أنْعَم عليها.

واختلَف أهلُ العربيةِ في واحدِ "الأَنْعُمِ". فقال بعضُ نَحويِّى البصرةِ: جمعُ النِّعْمَةِ على أَنْعُمٍ، كما قال اللهُ: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ [الأحقاف: ١٥]. فزعَم أنه جمعُ الشِّدَّةِ. وقال آخرُ منهم: الواحدُ نُعْمٌ. وقال: يقالُ: أيامُ طُعْمٍ ونُعْمٍ. أى: نعيمٍ. قال: فيجوزُ أن يكونَ معناها: فكفَرَتْ بنعيمِ اللهِ لها (٢). واستشهَد على ذلك بقولِ الشاعرِ (٣):

وعندى قُرُوضُ (٤) الخيرِ والشَّرِّ كلِّه … فبُؤْسٌ [بذى بُؤْسٍ] (٥) ونُعْمٌ (٦) بِأَنْعُمِ

وكان بعضُ أهلِ الكوفةِ يقولُ: "أَنْعُم" جمعُ نَعْماءَ، مثلُ بَأْسَاءَ وأَبْؤُسٍ، وضَرَّاءَ وأَضُرٍّ. فأما الأشُدُّ فإنه زعَم أنه جمعُ شَدٍّ.

وقولُه: ﴿فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فأذاق اللهُ أهلَ هذه القريةِ لباسَ الجوعِ، وذلك جوعٌ خالَط أذاه أجسامَهم، فجعَل اللهُ تعالى ذكرُه ذلك لمخالطتِه أجسامَهم بمنزلةِ اللباسِ لها؛ وذلك أنهم سُلِّط عليهم


(١) ذكره أبو حيان في البحر المحيط ٥/ ٥٤٢ مختصرا بلفظ: "وعن حفصة أنها المدينة"، وذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٥٢٨ نقلا عن المصنف، وذكره السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ١٣٣، ١٣٤ بنحوه وعزاه إلى المصنف وابن أبي حاتم.
(٢) ينظر مجاز القرآن ١/ ٣٦٩، والتبيان ٦/ ٤٣٢، ٤٣٣.
(٣) البيت في التبيان ٦/ ٤٣٣ غير منسوب.
(٤) فى ت ١، ت ٢، ف: "فروض".
(٥) فى م: "لذى بؤس"، وفى ت ٢: "لدى بؤس"، وفى التبيان: "لدى بؤسى".
(٦) في التبيان: "نعمي".