للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليخفِّفْ عنك أيضًا، قال: "يا موسى قد واللهِ استحيَيْتُ مِن ربِّي مما اختَلَفْتُ (١) إليه". قال: فاهبِطْ باسمِ اللهِ. فاستيقَظ وهو في المسجدِ الحرامِ (٢).

وأولى الأقوالِ فى ذلك بالصوابِ أن يُقالَ: إن اللهَ ﷿ أخبَر أنه أَسْرى بعبدِه من المسجد الحرامِ، والمسجدُ الحرامُ هو الذى يتعارَفُه الناسُ بينهم إذا ذكَروه.

وقولُه: ﴿إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ يعنى: إلى مسجدِ (٣) بيتِ المقدسِ. وقِيل له: الأقْصَى؛ لأنه أبعدُ المساجدِ التي تُزارُ، ويُبتَغى فى زيارتِه الفضلُ بعد (٤) المسجدِ الحرامِ.

فتأويلُ الكلامِ: تنزيهًا للهِ، وتبرئةً له مما نحَله المشركونَ من الأشراكِ والأولادِ (٥) والصاحبةِ، وما يجلُّ عنه ، الذي سار بعبدِه ليلًا من بيتِه الحرامِ إلى بيتِه الأَقْصى.

ثم اختلَف أهلُ العلمِ فى صفةِ إسراءِ اللهِ بنبِيِّه من المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأَقْصى؛ فقال بعضُهم: أَسْرى اللهُ بجسدِه، فسار به ليلًا على البُراقِ من بيتِه الحرامِ إلى بيتِه الأَقْصى حتى أَتَاهُ، فَأَراهُ ما شاء أن يُرِيَه من عجائبِ أمرِه وعبرِه وعظيمِ سُلطانِه، فجُمعِتْ له به الأنبياءُ، فصلَّى بهم هُنالِكَ،


(١) في ص، م، ت ١ ت ٢، ونسخة من البخاري: "اختلف".
(٢) أخرجه أبو عوانة ١/ ١٢٥، ١٣٥ عن الربيع به، وأخرجه مسلم (٢٦٢) من طريق ابن وهب به، وأخرجه البخارى (٧٥١٧) من طريق سليمان به. وقال عبد الحق في "الجمع بين الصحيحين" -كما في فتح البارى ١٣/ ٤٨٤ - : زاد فيه -يعنى شريكا- زيادة مجهولة، وأتى فيه بألفاظ غير معروفة، وقد روى الإسراء جماعة من الحفاظ، فلم يأت أحد منهم بما أتى به شريك، وشريك ليس بالحافظ.
(٣) سقط من: م.
(٤) فى ص، ت ١، ت ٢، ف: "عن".
(٥) في م: "الأنداد".